سلمان بن محمد العُمري
أظهرت نتائج دراسة بحثية حديثة أن الغضب كان سببًا كبيرًا في حدوث جرائم القتل في المملكة، وبما نسبته 45.3%، متقدمًا على أسباب أخرى كتناول المخدرات 38%، والمسكرات بما نسبته 27.5%؛ كما بينت الدارسة أن أعمار مرتكبي هذه الحوادث أقل من 20 سنة 31.2%، ومن 20 إلى 29 سنة 56.6%، ومعدل هاتين الفئتين يشكل ما نسبته 87.8% وهي بلا شك نسبة كبيرة أيضًا.
وللبحوث والدراسات في كل المجالات أهمية كبيرة في استقصاء أي مشكلة ودراستها وتحليلها لا سيما إذا توافرت الإحصاءات الدقيقة التي تساعد على التحليل والدراسة، واستكشاف مطامن الخلل لوضع الحلول المناسبة وفقًا للمعلومات المتوافرة.
وبلا شك أن الغضب والانفعال يكون لدى الشباب والمراهقين مع الحدة بشكل كبير ثم يتقلص مع تقدم العمر، وحينما يغيب الوازع الديني أو يكون هناك مؤثرات على العقل كالمخدرات والمسكرات فإن البلاء يكون طامةً، ويحدث ما لا تحمد عقباه كارتكاب القتل أو السلب والنهب أو الجرائم الأخلاقية والجنائية بشكل عام، مع توافر بعض المؤثرات الاجتماعية الأخرى كعدم الاستقرار النفسي والعائلي والعطالة وعدم توفير العمل.
نتائج هذه الدراسة وغيرها من الدراسات يجب أن تتضافر المؤسسات الأمنية والاجتماعية وكل المؤسسات الحكومية في الاستفادة منها وتلافي مسببات الجرائم والعمل على الحد منها بالتوعية أولاُ والوقاية ثانيًا، ومعالجة أوجه القصور في بعض النواحي.
ولا شك أن للوالدين والمؤسسات التربوية والإعلامية دورًا كبيرًا في الحد من الجرائم والمشكلات من خلال التوعية الرشيدة، ومن ذلك إطفاء جمرة الغضب توعويًا وإرشاديًا، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن طلب منه أن يوصيه فقال له «لا تغضب». ولو تم إنتاج مقاطع يسيرة وبثها عبر مواقع التواصل عن بعض ما يحدث من مشكلات وجرائم نتيجة للغضب ومنها القتل والذي قد يمتد -والعياذ بالله- لأقرب الناس كالوالدين والأخ والابن والأهل والأقرباء والجيران فضلاً عن الأباعد نتيجة لموقف سلبي أدى إلى الغضب السريع ومن ثم حدوث ما لم تحمد عقباه في إزهاق الأنفس أو إحداث إصابات.
وأرى أن مثل هذه التوعية اليسيرة في المدارس والمساجد والبيوت من الآباء والأمهات -بإذن الله- كفيل بالمساهمة في تقليل نسبة الحوادث والجرائم مع تفعيل بعض البرامج الإرشادية في المجتمعات والمناطق التي يشيع وتكثر فيها الحوادث والجرائم.
ولا ننسى أيضًا تكريس بعض المظاهر الاجتماعية للعنف والمفاخرة كإطلاق الرصاص في المناسبات كالزوجات، وتأمين بعض الآباء الأسلحة لأبنائهم وهم في سن المراهقة وكأنها من مكملات الرجولة للمباهاة ومن ثم استرخاص بعض الشباب لأرواح الناس.
يجب وضع التدابير اللازمة للوقاية من الجرائم والحوادث، والوقاية خير من العلاج، وكم ترتب على الحماقات والغضب وتوفير السلاح لدى الشباب من مشكلات واعتداء على أرواح ومن ثم خراب البيوت واستجداء الناس لجمع الديات وإجراء الشفاعات وإهانة المئات من الرجال بسبب نزق وحماقة شاب وتهاون أب في التوجيه والإرشاد والمناصحة بعدم الغضب.