بيان الحج المبرور وضابطه
* كيف يكون الحج المبرور؟ أفيدونا، جزاكم الله عنا وعن الإسلام كل خير؟
- ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» [البخاري: 1773]، وأهل العلم ذكروا كلامًا في بيان الحج المبرور، ومنهم من يقول إن ضابطه: ألَّا يخالطه إثم، فلا يزاول المعاصي، وتوفيقُ الإنسان لحفظ نفسه وحفظ جوارحه ولسانه أثناء الحج توفيقٌ من الله -جل وعلا- يدل على أن حجه مبرورًا، ومنهم من يقول: إن له علامة، وهي أن تكون حال الحاج بعد الحج أفضل من حاله قبله، وعلى كل حال على الإنسان أن يَحرص على أن يكون حجه مبرورًا، فلا يرفث ولا يفسق ولا يزاول شيئًا من المعاصي، ولا يُقصِّر في شيء من الواجبات؛ لأنه بصدد عبادة من أركان الإسلام، يَحرص على أن تكون مقبولة، مجزئة، مسقطة للطلب، تترتب عليها آثارها وثوابها عند الله -جل وعلا-، وبعد ذلك تُحقق التقوى التي أشير لها بقوله -جل وعلا-: {لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة، آية: 203]، والتقوى هي التي ترفع الآثام فيرجع الإنسان من ذنوبه كيوم ولدته أمه، {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} فالذي لا يتقي تبقى آثامه عليه.
* * *
دلالة أفعال النبي في الحج
* قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في (صحيح مسلم): «لتأخذوا مناسككم»، وفي بعض الروايات: «خذوا عني مناسككم»، هل يُفهم منه الوجوب لعموم أفعاله في الحج؟
- - قوله -عليه الصلاة والسلام-: «لتأخذوا مناسككم» [مسلم: 1297]، و«خذوا عني مناسككم» [سنن البيهقي الكبرى: 9524] لا شك أن أفعاله -عليه الصلاة والسلام- متفاوتة في حَجِّه، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «صلوا كما رأيتموني أصلي» [البخاري: 631]، فالصلاة مشتملة على أفعال متعددة، والحج مشتمل على أفعال وأقوال متعددة، فيجمعها أن هذه الأفعال كلها مطلوبة، فمنها ما طَلَبُه أشدُّ وتَرْكُه مؤثر كالأركان، وهي التي لا بد من فعلها ولم يُعذر فيها أحد، ومنها ما طَلَبُه متأكد لكنه يُجــبَر، وهو الذي حصل فيه الاستئذان منه -عليه الصلاة والسلام- فأذن، ومنها ما طَلَبُه أقل وهو السنن، فهي على مراحل ومراتب:
المرتبة الأولى: الأركان، هذه لا يُعذر فيها أحد، ولم يَحصل أن أحدًا اعتذر من النبي -عليه الصلاة والسلام- فَعَذَره.
المرتبة الثانية: الواجبات، وهي التي قَبِلَ النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها أعذار المعتذرين، فلو كانت أركانًا لما قُبِلَ فيها العذر، ولو كانت سُننًا لما احتاجت إلى عذر.
المرتبة الثالثة: التي هي أقل المراتب: السنن، وهي مطلوبة من باب الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، لكنها لا تحتاج إلى عذر، ومن تَركها فلا شيء عليه، ومن فعلها فهو الأكمل.
** **
يجيب عنها/ معالي الشيخ الدكتور: عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء