أحمد بن عبدالرحمن الجبير
على نحو غير مسبوق، تؤكد المملكة قدرتها الفائقة على إدارة حشود الحجاج دون الحاجة للاستعانة بأحد، بل إنها أخرست بأسلوبها الهادئ، وعملها المهني كل من كان يتمنى أن يحدث ما يعكر صفو الحجيج، وربما حاول، ولكن الإدارة الأمنية الساهرة على راحتهم، والتوجيهات الكريمة والحكيمة، أفسدت عليهم مؤامراتهم المشؤومة، والتي تنبئ بفساد في العقلية السياسية، وخراب في الضمير، ومع ذلك سطرت قيادتنا، وجنودنا بأنهم على قدر وعظم المسؤولية، وأعطوا الحجيج ما يستحقون من عناية، واهتمام غير عابئين بنباح البعض.
فاستضافة المملكة لأكثر من مليوني حاج من الخارج، إضافة إلى حجاج الداخل، خلال فترة قصيرة وفي منطقة واحدة، بأمنهم، وتحركهم اليومي، وأكلهم وشربهم، بالرغم من لغاتهم وعاداتهم، ومذاهبهم المتعددة، في مناسبة إسلامية عظيمة لها مكانتها الروحية عند أي مسلم، تحتاج إلى فن في إدارة الحشود، وتحتاج إلى الصبر، واليقظة والحزم، وإبراز الجوهر الإنساني للقيادة السعودية، والمواطن ورجل الأمن.
وهذا ما تحقق بفضل الله ورعايته، وبتوجيه القيادة الحكيمة التي ظلت تؤمن بقدرة هذا الوطن وإمكاناته، وثباته رغم المحن الكثيرة، فتجارتنا رابحة لأنها مع الله دائمًا، وهذا ما يشهد به الحجاج أنفسهم، وهذه أعظم الشهادات التي بلا منة، ولا مصلحة، فالإشراف والمتابعة لهذا الكم من البشر تعجز عن إدارته دول عظمى، لكن بحمد الله، وفضله علينا، أنّ تجربة المملكة في إدارة الحشود تعتبر ناجحة بكل المقاييس، وأن دولاً متقدمة استفادت منها.
فالمملكة تقدم خدماتها للحجاج والمعتمرين، والزوار دون مقابل، ودون النظر للعوائد الاقتصادية عليها من الحج والعمرة، فهي تنفق الملايين سنوياً لتطوير الخدمات، وبناء المشاريع لحجاج بيت الله الحرام، والمسجد النبوي، ومساعدة الدول الإسلامية، فلو نظرنا فقط للجوانب المالية التي تنفقها المملكة في خدمة الحجاج والمعتمرين، لاكتشفنا أنها الدولة الوحيدة التي تنفق دون منّة على أحد كما أنها تضع كل إمكاناتها لتنظيم الحج.
ويحق للمواطن السعودي أن يفتخر ويعتز بقيادته، وبقواتنا الأمنية التي كانت على أتم الاستعداد لبذل الغالي والنفيس لتسهيل أمن الحجاج، وتسهيل حركة الحشود الكبيرة القادمة من كل أنحاء المعمورة، والناطقة بلغات عدة، لتمكينهم من القيام بواجبهم الديني بأمن وأمان، ونثبت للعالم أجمع أن السعودية هي الدولة القادرة على خدمة ضيوف الرحمن في كل زمان.
وعلينا أن نشعر العالم أن السعودية والسعوديين (غير)، وأن رعايتهم للحرمين، ومسؤوليتهم وأخلاقهم تمنعهم من أن تصبح الأمور فوضى واستغلالاً، وأن المواطن السعودي هو رجل الأمن الأول ومتعاون مع جميع الجهات الأمنية في إنجاح حج هذا العام، وكل عام، لأن الحج رسالة سلام للعالم أجمع، وفيه معانٍ سامية، ووحدة إسلامية، وإن التخطيط له، وتنظيمه مسألة مهمة من الجميع لنجاحه.
فكل الشكر لسمو وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف ولسمو أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل على القدرة الإشرافية العظيمة، والجهود الجبارة، وما بذلته قوات الأمن كافة من تنظيم، وسيطرة على إدارة الحشود الهائلة أثناء موسم الحج، وفك الاختناقات، وتنظيم خطة حج هذا العام بكفاءة عالية، والتي حظيت بالتقدير المحلي والدولي، وأكدت للعالم أن السعودية بلد الأمن، والاستقرار بعناية الله، ثم عناية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله.