ميسون أبو بكر
على غير ما تعودناه من ظهور كوميدي سنوي للفنان ناصر القصبي وعبدالإله السناني وحبيب الحبيب وعدد من الفنانين السعوديين في أعمالهم الكوميدية السابقة والتي تتابعها شريحة كبيرة ليس من المملكة والخليج فحسب، بل من العالم العربي والعرب في كندا وأمريكا، حيث صارت الكوميديا سمة للفن السعودي ولقناة mbc التي انضمت إليها بجدارة قناة SBC الحكومية (الثقافية سابقاً)، فقد ظهر العاصوف بالطابع الدرامي بعيداً عن الكوميديا التي تميز بها طاش ما طاش وسيلفي وغيرها.
مسلسل العاصوف الرمضاني وبعيداً عن الإعلانات الكثيرة التي حرمت المشاهد من متعة الاستمتاع بالعمل بعيداً عن التقطيع الدائم والطويل، استطاع أن يقدّم وجهاً ونمطاً جديداًً للإبداع الفني السعودي والذي تعرض لحقبة ماضية من حياة الإنسان في المملكة واستطاع العمل تقديم لمحات معبِّرة عن تلك الحقبة، وإني أحترم الآراء التي تختلف معي والتي تابعتها في تويتر ومقالات متفرِّقة.
لطالما راهنت سابقاً على طاقات الفنان الجميل عبدالإله السناني والتي تجلَّت بكل إمكاناتها في هذا العمل بما استطاع إليه من إبداع، فعلى قدر ما جعلنا نكره الشخصية التي جسدها على قدر ما كان صادقاً ومتميزاً في تجسيدها.
والمجال يضيق بوصف الرائع حبيب الحبيب وريم العبدالله وليلى السلمان وريماس منصور وغيرهم.
الآراء التي تلي كل عمل هي تأكيد على نجاحه ومتابعته، والنقد الموضوعي هو نقد هادف لا إقصائي للعمل، حيث البعض رفضوا فكرة اللقيط مثلاً واستنكروها، بحجة أن الزمن الجميل منزه عن هذه التجاوزات الدينية والأخلاقية، ولكننا لا ننزه أي زمان، فلا ننسى زمن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وقصة المرأة التي زنت فأمهلها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حتى وضعت جنينها ثم أمهلها حتى أرضعت، وقصة الصحابي الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وقال له لقد داعبت فتاة في نهار رمضان فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم: هل جامعتها؟ قال: لا قال: عد بعد صلاة المغرب، فلما عاد سأله هل صليت معنا؟ قال نعم.. ولكم أن تتبعوا بقية الحكاية في كتب أشارت لها أو عبر مواقع موثوق بها على الإنترنت كي لا يخرج مكذب ومشكك بالقصص آنفة الذكر.
العاصوف بداية جديدة لتأريخ جديد من العمل السعودي الدرامي الذي نقل المشاهد من عمل كوميدي سريع منفصل الحلقات إلى مسلسل درامي ننتظر جزأه الثاني بشوق ورؤية قد تكون أكثر نضجاً وعمقاً وأحداث قد تتوزع على مشاهد أكثر وعناصر تعطيها أكثر قوة وحضوراً.
الأعمال الفنية التي تسلط الضوء على حقبة ماضية هي أعمال تجذب المشاهد الذي يحب أن يطلع على التاريخ بقالب فني بعيداً عن إطار الكتب التاريخية وفقدانها لعنصر التشويق والجذب.
هناك قصص وروايات لأدباء يمكنها أن تترجم إلى أعمال درامية تعزٍّز القيمة الأدبية للعمل الفني، وهذا ما يجب أن يتنبه له مخرج العمل ومنتجه من رفع الذائقة للمشاهد، حيث اختيار النصوص الأدبية وتحويلها إلى عمل فني يعد فكرة رائعة تنتصر للأدب وللتاريخ بصورة جميلة.
ننتظر العاصوف بجزئه الثاني متلافياً الأخطاء التي وقع فيها آخذاً بعين الاعتبار المصداقية وتفاصيل المكان والزمان التي نتوق لمتابعتها فهي تدغدغ ذكريات كانت واقعنا يوماً ما وهي تراثنا الاجتماعي.
كل عام وتراثنا وثقافتنا وفنوننا التي تحملنا للآخر بألف خير.