عمرو أبوالعطا
قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، شرع الله - عز وجل - العبادات على عباده المسلمين، وجُعلت العبادة هي الغاية من خَلْق الله - عز وجل - لمخلوقاته من الإنس والجن، وقد تنوّعت أشكال العبادات وتعدّدت أقسامها وِفْق اعتبارات مختلفة، فمن حيث الوجوب والعدم؛ فالعبادات منها ما هي مفروضة على كلِّ مسلم، ومنها ما هي مندوبة أو مستحبّة، ومن حيث طبيعة العبادة فإنّها تتعدّد؛ فمنها: الصلاة والصيام والحجّ والعمرة والصدقات والذّكر والدُّعاء وتلاوة القرآن، وقد عدَّ الله -تعالى- بعض هذه العبادات من أركان الإسلام التي بُني عليها، وقد جاء في حديث النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (بُنِي الإسلامُ على خمس: شَهادةِ أن لا إلهَ إلّا اللهُ، وأنَّ محمّداً رسولُ الله، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)، ومن بين العبادات التي شرعها الله تعالى: الحجّ.
فالحج هو الركن الخامس من أركان الاسلام، والحج فرض عين على كل مسلم قادر لقول الله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، والحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة فقط، تبدأ مناسك الحج في شهر ذي الحجة بأن يقوم الحاج بالإحرام من مواقيت الحج المحددة، ثم التوجه إلى مكة لعمل طواف القدوم، ثم التوجه إلى منى لقضاء يوم التروية ثم التوجه إلى عرفة لقضاء يوم عرفة، بعد ذلك يرمي الحاج الجمرات في جمرة العقبة الكبرى، ويعود الحاج إلى مكة لعمل طواف الإفاضة، ثم يعود إلى منى لقضاء أيام التشريق، ويعود الحاج مرة أخرى إلى مكة لعمل طواف الوداع ومغادرة الأماكن المقدسة.
من حق المملكة أن تقوم بكل ما يلزم لحماية الفريضة والحجاج، وأبسط ذلك ألا تلتفت لأي انتقادات تتجاهل الحملة المسعورة من قبل أعداء الأمة، التي تطالب بالتسييس للدين استنادًا لأي حجج واهية؛ فبلاد الحرمين التي شرفها الله - عز وجل - بهذه الأمانة تؤكد على لسان قيادتها دومًا أنه لا مكان للسياسة في الحج، ولا للفوضى في شعائر الله، وهو أمر لا نقاش فيه.
الحج في عيون إيران له تاريخ طويل من محاولات تسييس شعائر الحج منذ تولي الخميني السلطة في 1979، وبدأت هذه المحاولات في 1980 برفع حجاج إيرانيين صورة الخميني في مظاهرات أمام المسجد النبوي.
واستمرت محاولة النظام الإيراني في استغلال شعائر الحج طوال العقود الثلاثة الماضية عبر مظاهرات أو محاولات للعنف.
ففي عام 1986 كانت البداية للتخطيط الإجرامي لقتل الحجاج وإحراج قيادة المملكة وتنظيمها لهذه الفريضة العظيمة، حيث اكتشفت سلطات الأمن السعودية عدداً من الحجاج الإيرانيين القادمين لمطار جدة وهم يخبئون في حقائبهم مادة شديدة الانفجار.
وفي عام 1987 وأثناء موسم الحج أثار الحجاج الإيرانيون الشغب في مكة المكرمة رافعين شعارات الثورة الخمينية.
وفي عام 1989 قاموا بتفجيرات بالحرم المكي حيث حدث انفجاران الأول في أحد الطرق المؤدية للحرم المكي والآخر فوق الجسر المجاور للحرم المكي.
وفي عام 1990 كانت حادثة نفق المعيصم وهي حادثة تدافع حصلت بين الحجاج.
وفي يوم 24 سبتمبر عام 2015، حدث تدافع مفاجئ من قبل الحجاج أودي بحياة 769 شخصاً على الأقل وإصابة 694 آخرين، وظهرت مؤشرات تؤكد تورُّط إيران في وقوع الحادث.
أحبطت السعودية كل مخططات إيران الرامية لتسييس الحج وبث الفوضى والاضطرابات والفتن خلال أداء هذه الشعيرة التي تجمع المسلمين في الديار المقدسة.