قال الله تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) عندما يُسمي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود نفسه بخادم الحرمين الشريفين، فهذا له دلائل على الاهتمام الأول للملك -حفظه الله- وقبله إخوته الملوك والملك المؤسس -رحمهم الله- جميعاً، يساندهم الشعب والحكومة لخدمة الحرمين الشريفين، وعندما كانت خدمة الحرمين الشريفين ضمن خطط رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد محمد بن سلمان -حفظه الله- لتزيد من التطورات العظيمة للعمل الخدمي المقدم للحجاج فهذه علامات مبشرة على أننا نسبق زمننا لتقديم أفضل الخدمات.
إن المملكة كل سنة تعلن استعدادها لهذه المناسبة التي يجتمع فيها الملايين من مختلف بقاع الأرض ومن كل دول العالم، ولكل الجنسيات والأعراق واللغات والفئات ينادون ربا واحدا، ويبتغون هدفا واحدا، بنداء واحد، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، حتى يؤدوا شعيرتهم على أكمل وجه، كل ذلك والمسؤولين يضعون أولى الواجبات عليهم لتكرس الجهد وتوفير الإمكانات، في سبيل تمكين الحجاج من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، في راحة ويسر وسهولة رغم الصعوبات وضيق المساحات وكثرة الحجاج.
إن حكومتنا الرشيدة تسعى كل سنة لتوفير المزيد من أرقى خدمات الضيافة والأمن والرخاء والاستقرار لضيوف الرحمن، حتى يستطيعوا أداء فريضة الحج، في جو من الطمأنينة والراحة، هذه الخدمات المتطورة التي نراها في مكة والمدينة والمشاعر المقدسة تجسد مدى الاهتمام، وحجم الرعاية التي ينالها الحجاج من المملكة حكومة وشعبا، إن كلفة مشاريع الحرمين تعد الأعلى تكلفة في العالم على مستوى تكلفة المشاريع وعلى مستوى تكلفة المباني العملاقة، وكل ملك من ملوك هذه الدولة المباركة وضع له بصمة لخدمة الحرمين الشريفين نراها من خلال المشاريع الجبارة حتى أصبحت رمزا معماريا وشاهدا على التميز، كل هذه المشاريع أتت لخدمة الإسلام والمسلمين وابتغاء ما عند الله سبحانه وتعالى لخدمة المسلمين وبحسب الإحصاءات يتجاوز عدد المصلين في الحرم المكي 278 ألف مصل كل ساعة، كما أن عدد الطائفين حول الكعبة 107 آلاف طائف كل ساعة، ويعمل على خدمة الحجاج خلال أداء المناسك فقط، أكثر من 300 ألف موظف مباشر وغير مباشر في الخدمات الرئيسية والخدمات المساندة، كما يتم ضخ ألفي طن من ماء زمزم في الحرم المكي، و300 طن في الحرم النبوي بالمدينة المنورة بشكل يومي وهذه أرقام جبارة جداً يصعب التعامل معها إلا مع المخلصين من المسؤولين وأبناء الوطن.
ومع تطور تقنية المعلومات التي أصبحت هي عمود الخدمات حيث سعت وزارة الحج لتعزيز استخدام التقنية الحديثة في جميع أعمالها وخدماتها، لتعريف حجاج بيت الله الحرام على خدماتها، وتزويدهم بالإرشادات التي تكفل أداءهم الفريضة بكل يسر وراحة واطمئنان، ومن أبرز التطبيقات التي أطلقتها المملكة وقامت على تطويرها تطبيق الخرائط الرقمية وتطبيق «المقصد» الذي يساعد زوار مكة المكرمة على تحديد مواقعهم بدقة داخل أروقة المسجد الحرام ومعرفة طريقهم إلى أي مكان يريدون الذهاب إليه، كما أن تطبيق «مناسكنا» وتطبيق «تروية» الذي يحدد الأماكن ذات الأهمية العامة مثل أقرب المساجد، المطاعم، دورات المياه، مراكز التسوق والبحث عن أقصر طريق ممكن، وتطبيقات أخرى مساندة مثل تطبيق «صحة» وتطبيق «كلنا أمن» وتطبيق «فزعة» وتطبيق «وطني» وغيرها من خدمات تقنية المعلومات، كما أن هناك تطورا مستمرا في هذه الخدمات، حيث أقيم هاكاثون الحج والذي أقيم لأول مرة في المملكة العربية السعودية، وجاء تنظيم هذا الحدث الضخم الذي شارك فيه آلاف المطورين من 51 دولة في العالم، ضمن جهود المملكة العربية السعودية المتواصلة كل عام في خدمة ضيوف الرحمن واغتنامًا للمواهب التقنية الشابّة، التي تبرز ضمنها مشاركة المبرمجين في استكشاف وتطوير تقنيات مواسم الحج. كسر (هاكاثون الحج) الرقم القياسي كأكبر هاكاثون في العالم في موسوعة جينيس.
إننا نفخر دوما بأن نكون خدام الحرمين الشريفين ونسعى أن يكون الحج في كل سنة متطورا وميسرا لكل المسلمين في بقاع الدنيا فتسهيل إكمال الركن الخامس للمسلمين لا يفوقه أجر وهو أجر من الله سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يكون كل ما قدمه وطننا خالصا لوجهه الله، ونسأل الله أن يتقبل منا صالح الأعمال، ونسأل الله أن يتمم على الحجاج حجهم ليعودوا لديارهم سالمين غانمين.