للبحث العلمي أهمية كبرى في تقدّم وتطور الدول من النواحي العسكرية والزراعة والبتروكيماويات وتقنية المعلومات والاتصالات والأسلحة والأدوية والاكتشافات الأخرى وكل ما يتعلّق بتنمية البشرية، والبحث العلمي يتكون من كلمتين «البحث» و»العلمي»، يقصد بالبحث لغوياً «الطلب» أو «التفتيش» أو التقصي عن حقيقة من الحقائق أو أمر من الأمور. أما كلمة «العلمي» فهي كلمة تنسب إلى العلم، ومهما اختلفت تعريفات البحث العلمي فهي تتفق في جوهر التعريف بطبيعة البحث العلمي وماهيته.
يوجد في المملكة نحو من 100 مركز بحث حكومي منتشرة في كافة المناطق، حاليّاً تقع مسؤولية البحوث العلمية على عاتق الجامعات ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وبعض الهيئات الحكومية أو شبه الحكومية وإدارات خاصة تابعة لها. بلغ إجمالي الإنفاق على البحث العلمي في المملكة خلال العام الماضي نحو 6.75 مليارات ريال (1.8 مليار دولار). في الوقت الذي يقدَّر فيه حجم إنفاق الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي بنحو 20 مليار ريال (5.31 مليارات دولار). وبذلك تحتل المملكة المرتبة السابعة والثلاثين عالمياً في الإنفاق على هذا المجال. مع العلم بأن الإنفاق العالمي على البحث يفوق ذلك بكثير، حيث تتصدَّر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول الأكثر إنفاقاً على البحث العلمي بمبلغ 465 مليار دولار، أي ما يشكِّل 2.8 % من ناتجها المحلي، تليها الصين في المركز الثاني بمبلغ 284 مليار دولار ونسبة 2 %، ثم اليابان بمبلغ 165 مليار دولار، ثم ألمانيا بمبلغ 92 مليار دولار.
البحث العلمي من أهم أدوات تنفيذ رؤية 2030، حيث سيساهم في تنفيذ الرؤية والتي سوف تؤدي إلى التطوير والإنتاجية والاستدامة وتساهم في التنمية الاقتصادية، وتعتبر المملكة من أكثر الدول إنفاقاً في المجال العسكري، حيث كانت في المركز الثالث عالمياً لعام (1437هـ - 2015م)، غير أن أقل من (2 %) من هذا الإنفاق ينتج محلياً وتعتمد بذلك من الشراء من الدول المتقدّمة تقنياً، وتهدف رؤية المملكة إلى توطين ما يزيد على 50 % من الإنفاق العسكري بحلول (1452هـ - 2030م)، وبدأت الرؤية في تطوير بعض الصناعات الأقل تعقيداً من قطع غيار ومدرعات وذخائر، وستتوسع دائرة الصناعات الوطنية لتشمل الصناعات الأكثر تعقيداً مثل صناعة الطيران العسكري، وبناء منظومة متكاملة من الخدمات والصناعات المساندة بما يسهم في تحسين مستوى الاكتفاء الذاتي والتعزيز من تصدير منتجاتنا العسكرية لدول المنطقة وغيرها من الدول.
الدول العظمى ما أصبحتْ عظمى إلا بالبحث العلمي والإنفاق عليه وبناء ذلك للأجيال القادمة - الجيل 33 سنة - وزيادة الدخل القومي من مبيعات الأسلحة والتقنيات الحديثة المختلفة والكثير منها؛ وبهذا الصدد أقترح إنشاء وزارة البحث العلمي والتي سوف تكون مسؤولة عن جميع مراكز الأبحاث في المملكة ومسؤولة عن الإنتاج العسكري بكافة أنواعه وأشكاله، كذلك مسؤولة عن تقنيات إنتاج البتروكيماويات والمعادن والذهب والفوسفات. القطاع الخاص أنفق مليارات الريالات للحصول على تقنية الإنتاج بإذن الله سوف نصبح من الدول المصدرة للتقنية بكافة أنواعها وأشكالها وتحقيق رؤية المملكة 2030 بهذا الشأن.
اعتقد أنّه حان الوقت لميلاد وزارة البحث العلمي، لكي تساعد في تحقيق رؤية المملكة 2030، وليس هذا بالأمر الصعب، من قبل حكومة بلادنا التي تسعى لتحقيق كل تقدّم وازدهار لهذه البلاد، ولعلي أقترح هنا أن تُموّل ميزانيتها من شركات القطاع الخاص المسجلة في سوق الأسهم السعودية وبنسبة مئوية مقدارها 5 % من صافي أرباح كل شركة.