م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. القلق والرضا إحساسان متقابلان.. فالروح القلقة متململة متطلعة، خائفة متلهفة، متحفزة راغبة في التغيير، قابلة للمقاومة، ممعنة في التفكير للتخلص من القلق.. أما الروح الراضية فهي مطمئنة ساكنة مقتنعة مرتاحة مرتخية.. ليس لديها رغبة في التغيير وليست قابلة للمقاومة ومنشغلة بالسطح الظاهر للأحداث والأشياء.. ولا تريد الانتقال من حالة الرضا إلى حالة القلق مهما يكن الأمر.
2. الرضا والقلق شعوران متناقضان.. وهما يصدران عن ذات الإنسان ويعبران عنها.. ولا يصدران أو يعبران عن مستوى وقيمة الأسباب التي أدت إلى الرضا أو القلق.. وهما شعوران يمكن تعلمهما والتدريب عليهما وإيقاظهما والتحريض عليهما.. ومن خلالهما يمكن الانطلاق إما بتنوير المجتمع أو تخديره.
3. الناس في موضوع الرضا والقلق ينقسمون إلى قسمين.. الأول يدعو إلى التسليم والاطمئنان وراحة البال وترك الخلق للخالق.. كما يحض على تعليم الناس الرضا والقبول بواقع الحال.. والقسم الثاني يدعو إلى الشعور بالقلق.. وأنه منطلق التفكير والمحفز عليه.. وأنه بُعد عن الأنانية والانسحابية والاستسلام.. ودافع نحو الشعور بالمسؤولية.. ثم يشرحون مساوئ الرضا فيقولون إنه استقرار وخمول يؤدي إلى التخلف.
4. الرضا هو قبول مطلق يؤدي إلى راحة البال حتى لو كان الثمن العجز والضعف والكسل والاستسلام.. أما القلق فهو دعوة للتغيير والحركة والاحتجاج.. ومحاولة تأطير الأحداث والأشياء بصورة تدعو إلى اليقظة وفتح العيون وإثارة الشكوك والحث على التطوير أو التغيير.
5. مشكلة القلق أنه احتراق داخلي.. ومشكلة الرضا أنه استسلام داخلي.. فائدة القلق أنه يكشف المسكوت عنه ويُظْهر المواهب المبدعة.. فالمبدع لا يمكن إلا أن يكون قلقاً.. أما فائدة الرضا فهي السكينة والحياة الهنية في أمور لا يمكن صنع أي شيء حيالها.
6. مشكلة القلق أنه يجعل صاحبه متوتراً غريباً وسط الجموع.. خارجاً على الإجماع.. يصفه من حوله بأنه سلبي مُحْبَط.. لأنه يفكر خارج نطاق ما هو مريح.. وينقلهم إلى نطاق كل ما هو مخيف.. أما مشكلة الرضا فهي أنه يجعل صاحبه لا يتخاصم مع عقله.. ولا يحتج على أي شيء مهما كان سيئاً أو ظالماً أو مؤلماً أو قبيحاً.. ولأن عقول الراضين في هدنة دائمة مع أنفسهم فهم لا يحبون التغيير.. ودائماً في حالة دفاعية عن كل ما هو سائد ومعتاد.