فهد بن جليد
نعيش اليوم «الحادي عشر» من شهر ذي الحج، وهو يوم «القَرّ» بفتح القاف وتشديد الراء، سُمِّي بذلك لأنَّ الحُجاج يقرّون ويستقرّون فيه بمنى، لقضاء أيام التشريق، هذه الأيام والليالي الماتعة التي عادت فيها ملامح جنسياتهم للظهور مُجدَّداً مُنذ صبيحة - يوم أمس- من خلال ارتداء ملابسهم الوطنية لمُناسبة عيد الأضحى، أو حتى من خلال سماع لهجاتهم ولكناتهم التي يتحدثون بها, لتعكس لك تلك الأصوات «الرقعة العالمية» الواسعة لهذا التجمع الإسلامي والإيماني الفريد، والذي قصده الناس من كل حدبٍ وصوب، وهو ما يُشكِّل تحدياً لكيفية التعامل معهم وإدارة حشودهم بطريقة احترافية، وهو ما تمَّ بفضل الإمكانات الكبيرة التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين، والخبرة التراكمية والاحترافية التي تنامت وتصاعدت لدى «مئات الآلاف» من العاملين ومُنظِّمي الحج من الأجهزة الحكومية المُختلفة، ليتفرَّغ الحجاج لأداء نسكهم ويتحرّكوا بين المشاعر بشكل مُيسَّر وآمن، وفق خطط موَّفقة وناجحة حتى الساعة.
عيون وملامح حجاج بيت الله الحرام - وإن اختلفت مشاربهم وثقافاتهم - تُترجِّم حجم الشكر والثناء العطر، قبل أن تلهج بذلك ألسنتهم، للسعودية وقادتها وشعبها، على كُل ما يُبذل من أجل خدمة «ضيوف الرحمن» الذين منَّ الله عليهم بالوصول إلى بلادنا الطاهرة، لينعموا بزيارة المشاعر المُقدسة وأداء مناسك الحج بكل طمأنينة، في رحلة إيمانية مشوِّقة تفرَّغ فيها الحاج للعبادة والدعاء، وهو ينعم بسلسلة من الخدمات غير المُتناهية، التي تُحيط به لرعايته والسهر على أمنه وسلامته.
الفرق كبير بين شهادة «حاج» وصل للمشاعر المُقدَّسة بنفسه, وخاض تجربة الحج مع ضيوف الرحمن، ولمس ما تُقدّمه وتبذله السعودية في موسم الحج، استشعاراً بعظم مسؤوليتها في خدمة ورعاية الحرمين الشريفين والمشاعر المُقدسة، وبين صوت «ناعق» يكذب ويُزيِّف الحقائق في إستديوهات بعض القنوات المُغرضة والمُضَلِّلة التي ابتلي بها الفضاء العربي، والتي تتبع نظام الحمدين وبعض الجماعات والأحزاب والميليشيات الإرهابية، التي تنفذ خططها وفق الأجندة الإيرانية المفضوحة, لقد خسر هؤلاء ثقة المُشاهد العربي، عندما فضحوا أنفسهم بمُمارستهم «للعهر الإعلامي» ليل نهار، في مُحاولات بائسة للنيل من الحج وخدماته، وقلب الحقائق، ولكنَّ أوهامهم تتحطّم وتتقزَّم أمام نظرة عفوية صادقة من حاج، تُغني عن «ألف كلمة»، لشكر السعودية وأهلها، بدموع الفرح وابتسامات الرضا.
وعلى دروب الخير نلتقي.