فوزية الجار الله
يأتيك حدس ما يوحي لك بفيض من نور وأمل.. ويصافحك حلم ما ذات منام فتصحو حائرًا قلقًا.. وبين هذا وذاك ترجو تلك الأرض الأكثر خصبًا والسماء الأكثر حنانًا وأمانًا.. تتأرجح بين هذه المتناقضات ما بين فترة وأخرى.. إذن هي الحياة والأقدار التي لا مفر منها إلا إلى رب رحيم..
في حياة كل منا الكثير من الأحداث والوقائع.. وفي رأيي إن الإنسان كلما كان أكثر نقاء وصدقًا مع ذاته استطاع بسهولة حيازة حاسة سادسة، يرى من خلالها أحداثًا قادمة، مع ملاحظة أن علم الغيب لله وحده.. لكن ثمة حكايات واقعية حدثت وما زالت تحدث لبعض الأشخاص بأن يروا أمرًا ما ذات منام، أو ربما ينتابهم إحساس غريب، قد يكون حدسًا أو رؤية عميقة غالبًا، يحتفظ بها بينه وبين ذاته، ثم يفاجأ بتحقق ما حملته هواجسه أو ما تضمنته رؤيا في منام، يعتقد أنها لم تكن مجرد أضغاث أحلام.
بين يدي كتاب للدكتور علي الوردي. هذا الكتاب أعود إليه بين الفترة والأخرى. قرأت صفحات وفقرات منه، لكنني لم أكرس حتى الآن جلسة كاملة متواصلة لإنهائه..
الكتاب بعنوان (الأحلام بين العلم والعقيدة)، وهو يتجاوز الأربعمائة صفحة بقليل. صدرت حتى الآن ثلاث طبعات، الطبعة الأولى في عام 2009م، والأخيرة في عام 2016م. أي أنه يعتبر حديثًا نسبيًّا. يقول الوردي في مقدمة الكتاب: «أستطيع أن أقول إننا من أكثر الأمم تأثرًا بالأحلام من الناحية الاجتماعية؛ فكثير من عقائدنا وعاداتنا نشأت فينا من جراء ما نسبغ على أحلامنا من صبغة قدسية..».
وأنا أقول: نعم، لتلك الرؤيا قدسية حين يكون الرائي سيد البشر عليه صلاة الله وسلامه؛ فقد بشَّره الله - جل جلاله - بفتح مكة، وقد ورد ذلك بتلك الآية العظيمة:
{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (27) سورة الفتح.
ثم يتحدث د. الوردي ضمن كتابه عن الحاسة السادسة، ويذكر بعض الحكايات مثل تلك التي رواها الأستاذ «راين»، وهو باحث أمريكي في جامعة «ديوك»، مهتم كثيرًا بالأبحاث حول (الباراسيكولوجي)..
يقول الأستاذ راين إنه حين كان تلميذًا حدثت حكاية عجيبة لإحدى السيدات؛ إذ رأت في الحلم أن أخاها يموت منتحرًا؛ فاستيقظت مرعوبة، وانطلقت بعربة برفقة زوجها إلى منزل أخيها الذي يبعد عنها بتسعة أميال، فوجدت أخاها منتحرًا حقيقة. هناك الكثير من الجدل والمناقشات حول هذا الأمر. والكتاب ذو شجون؛ أرى أنه يستحق القراءة.
**********************
** تظلنا أيام استثنائية عظيمة، تغمرنا روحانية وبهجة، أملاً وتفاؤلاً.. أصدق الدعوات لأولئك الحجاج القادمين خاشعين ملبين.. تقبَّل الله مناسكهم وصالح أعمالهم. وأيضًا أصدق الدعوات للقائمين على خدمتهم كافة بلا تحديد، سدد الله خطاهم وأثابهم. كل عام وأنتم بخير.