د. حسن بن فهد الهويمل
رُبَّمَا يكون [المواطن السعودي] وحده الذي يُلزم نفسه مالا يلزم في كافة القضايا السياسية، والاقتصادية، والفكرية، حتى لكأنه موكل بمشاكل العالم الذي لا يذكره إلا لماما، ومن ثم يُحَمِّل البعض منا نفسه هموماً كثيرة. ولربما يَحْمِله الفضول على مخالفة مصالحه، ومناهضة مشاريع وطنه، من حيث يدري، أو لايدري.
المؤكد أن هذا الصنف فارغ البال، مكفول الهم، ومع هذا الفراغ هناك جِدَةٌ، وتقنية، وخلط بين المبادئ، والمصالح، وجهل مطبق بقواعد اللعب السياسية.
لقد كُفي أشياءً كثيرةً، جعلته يبحث عما يملأ فراغه، فيما فاضت أوعية المواطن العربي بهموم متعددة، تتعلق بأمنه النفسي، والغذائي، والصحي، شغلته عن التفكير بهموم الآخرين. ثم إنه لايتوفر على الفراغ، والجِدة، والتقنية التي تتوفر للمواطن السعودي.
لقد أصبحت مشاهدنا تَفِيضُ بمشاكل الغير، نتخاصم من أجلها، ويصنف بعضنا بعضاً بسببها. بل ويكره بعضنا بعضاً. وكأن الله ندبنا لتحمل مشاكل الآخرين على حد:-
[أُوَزِّعُ جِسْمِي فِي جُسُومٍ كَثِيْرَةٍ]
فما من أزمة سياسية، أو اقتصادية إلا ولها كُلُّ الشِّرْب، في مواردنا.
حزب [الإخوان] - على سبيل المثال- مُكَوِّنٌ سكاني مصري، نشأ منذ أكثر من ثمانية عقود، ولست معنياً بتقويمه، أو تجريمه.
هذا الحزب ظل متداولاً على ألسنتنا، وكأنه وحده الذي يحمل الهم الإسلامي. ولولا المملكة لقضى عليه [الضباط الأحرار] عام 1954م.
و[الدعوة الإصلاحية] المجردة من كل حزبية، أو طائفية، أو مذهبية تواجه بأقصى عبارات الذم، والتضليل من كل طائفة، بما فيها [الإخوان]، ثم لا تتمعر وجوهنا، وكأن الأمر لايعنينا. على الرغم من أن النيل من سلفيتنا واقع في صميم قضايانا. وإذا كان للإخوان مشروع إسلاميٌ مُسَيَّسٌ فإن [الدعوة الإصلاحية] سلفية تجديدية، مستنيرة وليست السياسة من أولوياتها.
وكل همها الرجوع بالعالم الإسلامي إلى الكتاب، وصحيح السنة. والحروب التي أُجْبِرَت على خوضها إن هي إلا من باب الدفاع عن النفس، واستعادة الملك المضاع. وتشكيل كيان سياسي ينهض بالمهمة.
ومع هذا يظل البعض منا يحمل هم [الإخوان] ويدافع عنهم، ويخفي في نفسه ما الله مبديه.
خلافنا مع [الإخوان] مرتبط ببيعهم لـ [أمهات المؤمنين]، و[الخلفاء الراشدين]، و[التاريخ الإسلامي]، وتفريطهم في جنب الله في سبيل مصالح دنيوية عارضة، وذلك بارتمائهم في أحضان المجوس الروافض.
بعض المُخَادِعين، المَخْدُوعِين من جلدتنا يبررون التعاطف معهم، بأن [الإخوان] في حالة اضطرار، وأن انصياعم للمجوس الروافض مدفوع بتخلينا عنهم. وتلك حجة داحضة، فالاضطرار لايبيح التخلي عن صميم العقيدة. ومناصرة الروافض على السنة، وتغليب النجف، والعتبات المقدسة، والأضرحة على الحرمين الشريفين.
ثم إنهم بدؤونا أول مرة. واختلافنا معهم اختلاف مصالح. فحين وصلوا إلى سدة الحكم، بدت خياراتهم المضرة بمصالحنا، وأمننا.
[المملكة] دولة إسلامية، تمارس مشروعها الإسلامي: قولاً، وعملاً بكل مقتضياته، ومحققاته. تُحَكِّم شرع الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وترعى جمعيات تحفيظ القرآن، وتخدم المقدسات، وتطبع كتاب الله، ولديها وزارات، ومؤسسات، وروابط إسلامية، ومشروعها الإسلامي لايجوز استبداله بأي مشروع آخر.
إذ كل عمل المملكة ينطلق من الإسلام، ويعود إليه، وليس شيء من ذلك عند أي جماعة، أو حزب، أو منظمة، تتخذ من الإسلام شعاراً لها. {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}.
وقل مثل ذلك عن جماعة [حماس] المنشقة على الشرعية، تحت شعار المقاومة غير المتكافئة.
لعن أمريكا في العلن، جواز عبور لعواطف المغفلين.
لقد شغل البعض منا نفسه بهذه الدعاوى الكاذبة، وبهموم الآخرين الذين لايفكرون بنا إلا عند الحاجة، ولايحملون همنا، بل يبتزوننا، ويستغلون إمكاناتنا، ثم يتنكرون علينا في ساعة العُسْرَةِ.
أَنْ تحمل الهم - أي هم - وتضمره في نفسك، فذلك شأنك. فالله لايحاسب على التفكير، إنما يحاسب على القول، والعمل.