ومن المعلوم أن الحج ركن من أركان الإسلام فرضه الله على عباده مرةً واحدة مع شرط الاستطاعة؛ وذلك تلبيةً لنداء إبراهيم عليه السلام حين قال له الله عزَّ وجلَّ: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (27) سورة الحج.
ما أجمله من نداء من ملك الملوك..
ومذ ذاك الحين وحتى يرث الله الأرض ومن عليها يحج المسلمون ملبين بكلمة التوحيد وإفراد الله بالعبادة: (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك..)
الله أكبر يصغر معها الشيطان ويذل وتعلو معها نفوس الموحّدين وتسمو.. ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».
وها نحن نتقلّب في رغد العيش وسعة الرزق وراحة البال والأمن والاطمئنان في كنف من حباهم الله وأيّدهم بنصره ومكّن لهم وأعزهم بقوته وتوفيقه.. فحفظوا حقوق الله وأقاموا سنَّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فدانت لهم الدنيا ...
فقبل توحيد هذه الأرض المباركة لتتشكّل بجسد واحد على يدي المؤسس عبدالعزيز لتضفي كياناً جميلاً مشرقاً تحت لواء التوحيد الراسخ وتتطلع لآفاق رؤية الأجيال القادمة للمملكة العربية السعودية على يدي رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..
فقبل مئة عام كان الحجاج يودعون أهلهم برحلة شاقة مضنية تتفطَّر معها أكباد الإبل والمطايا وتهلك دونها الأجساد رحلة تحمل كل معاني الخوف والرعب والوداع.. بقلوب مؤمنة بقدر الله حتى تراكمت الخبرات وتنامت تطلعات الأفذاذ لخدمة ضيوف الرحمن لتتشكّل بهذا الجمال واليسر والإتقان من عدة آلاف إلى ملايين الحجاج من كل فج عميق ليتحقق نداء التوحيد.. في بقعة مباركة.. وأيام معدودات..تحت أعين ورعاية أجهزة هذه البلاد المباركة ومتابعة مباشرة من ولاة أمرها ورجالهم المخلصين ..لا يدخرون شيئاً من مالهم وجهدهم.. يتركون أهليهم وملاذاتهم ليقفوا صفاً واحداً...لتأمين راحة الحجيج وأمنهم وسلامتهم.. بتسخير أحدث ما توصلت له تقنيات العصر.. من الأجهزة اللوحية والكفية بإبداع الكفاءات الشابة من أبناء وبنات الوطن والمهتمين بالتقنية السبرانية...
فالحجز لرحلة الحج يتبع مساراً إلكترونياً (حكومياً مؤسساتياً) من بيت الحاج حتى وصوله لمقر سكنه في المشاعر المقدسة بمكة المكرمة وبوقت قياسي وأسعار في متناول الجميع من (3000 -16000) ريال وبجميع وسائل النقل جوي، بري، بحري من الداخل والخارج لتكون المملكة وجميع من فيها من مواطنين ومقيمين في ميدان الحج لتقديم الواجب لضيوف بيت الله الحرام بدقة وكفاءة وإتقان وطيب نفس، كيف لا وقد تراكمت خبرات إدارة الحشود لأبناء المملكة العربية السعودية على مر القرون لتأخذ دفة الريادة والسيادة والإبداع لإدارة هذه المناسبة العظيمة لتستوعب ملايين الحجاج وخدمتهم والعناية بهم..
وعوداً على بدء فقد نويت الحج يوم السادس من شهر ذي الحجة.. فقط فتحت جهازي المحمول ودخلت على موقع وزارة الحج واخترت أيقونة المسار الإلكتروني وبدأت البحث عن حملة مناسبة تعددت الخيارات على الرغم من تأخري في الحجز والحمد لله اخترت الحملة والنسك وأتممت عملية الدفع عن طريق الشبكة وطبعت تصريح الحج من موقع أبشر وأنا في صالة البيت.. فهل بعد هذه النعمة من حديث..
الحمد لله.. حمد الشاكرين.. وشكراً من القلب لكل من يسَّر على المسلمين وسهل عليهم... نعمة وفضل يشهد بها الواقع ويسعد بها المحب ويفخر بها المسلم ويموت غيظاً بها الحاقد.
اللهم اجعل حج عبادك مبروراً وسعيهم مشكوراً وأدم علينا نعمك وارزقنا شكرها.. واحفظ اللهم بلادنا وولاة أمرنا وعلماءنا وجنودنا المرابطين ورجال أمننا.. وجميع بلاد المسلمين إنك ولي ذلك والقادر عليه، وكل عام ومملكة الخير والتوحيد ترفل بثوب العز والتمكين...
** **
- مكة المكرمة
sh1ksa@yahoo.com