عمر إبراهيم الرشيد
مؤثّرة وعظيمة هي مشاعر جموع الحجيج كل عام لحظة نزولهم أرض المملكة مع الاستقبال المشرّف بالورود والأناشيد من قبل شباب ونساء الوطن، وكم كان منظر ذلك الحاج الجزائري وهو يذرف الدموع كما الآلاف غيره تأثراً وفرحاً بسلامة الوصول إلى حرم الله ومثوى نبيه عليه الصلاة والسلام. لا أكتب هذا ثناءً على جهود أبناء وبنات المملكة فهذا واجب ونعمة وشرف لهم، إنما هو الفرح لفرح ضيوف الرحمن. إن أعظم نعم الله على هذا البلد الطيّب هي الحرمان الشريفان وخدمة ضيوف الله من حجاج ومعتمرين، إذ في كل موسم حج يستشعر أهل هذه البلاد هذه النعمة مع قدوم ضيوف الرحمن وتوالي أيام الله خيرها هذا اليوم العظيم عرفة. وفي كل موسم أكتب ويكتب غيري الآلاف عن هذه الأيام وما تعنيه وما ينعم الله به على هذه البلاد وأهلها والمسلمين عامة. إن هذا الموسم العظيم إنما هو شحن للطاقات والقدرات وصقل لمؤهلات رجال ونساء الوطن، من أطباء وممرضين وتقنيين وفنيين، وإداريين وموظفي خدمات عامة ومتنوِّعة، أما رجال الأمن وحراس الوطن والمشاعر، ومشاعل الأمن والطمأنينة، ففي كل موسم تظهر قدراتهم ولمساتهم الإنسانية، في بر بكبار السن وحنو على الصغار، حاملين أرواحهم على أكفهم فداءً لأمن الوطن والحجيج والمشاعر.
نعم.. إنها نعم يفيض بها الرحمن على عباده في هذه البلاد وعلى الحجيج، فضيوف الرحمن يؤدون مناسكهم في أمن وطمأنينة بفضل الله ورحمته ثم بما أنجزته وتنجزه حكومة المملكة وقيادتها الرشيدة منذ إرساء دعائم الوطن على يد المؤسس - رحمه الله تعالى- وأبنائه من بعده. وبجهود أبناء وبنات هذا الوطن المعطاء الشامخ، وكم هو عظيم هذا الموسم لما يكسبونه من أجر وثواب خدمة لضيوف الرحمن من جهة، ومن جهة أخرى لتلك الخبرات والمهارات العظيمة في كل التخصصات، إذا استشعرنا عظم المهمة والمسؤولية مع الأعداد الهائلة من البشر في أيام معدودة ومساحة محدودة في أكبر تجمع بشري يعرفه العالم، ما يبيّن عظم المسؤولية وحجم المهمة فلله درهم وهو ناصرهم وموفقهم.
في هذا اليوم العظيم، والرحمن ينزل إلى السماء الدنيا مباهياً بضيوفه، ومشاهد هذه الأمواج البشرية من كل أصقاع الأرض ومن كل الأجناس واللغات وهم بلباس واحد وقصد واحد، يستعيدون خطى الخليل ومحمد بن عبد الله عليهما الصلاة والسلام ومسارهما المكاني والزماني، ندرك عظم هذا الدين وفيض الرحمات على عباده وعلى هذه البلاد، فكل مواطن يعي معاني المواطنة يدرك أثر هذا الموسم على هذه البلاد حكومة وشعباً. نعم حق لنا الفخار لأننا من أمة محمد ونشهد هذا اليوم العظيم، وحق لنا الفخار لأننا أبناء هذا الوطن حاضن بيت الله ومثوى سيد البشر وخدام ضيوف الرحمن، فاللهم أدم على هذه البلاد نعمة خدمة الحرمين وضيوفهما، واحفظ قيادة هذه البلاد لما فيه خيرها وبلاد المسلمين ولله الأمر من قبل ومن بعد، وتقبل الرحمن صالح أعمالكم.