مع اقتراب موسم فريضة الحج يسعى الكثير من أفراد المجتمع لعمل الخير والحرص على استغلال أيام العشر المباركة وتحفيز النفس للمشاركة في أعمال التطوع المقدس والنبيل في موسم الحج لتسهيل وتيسير فريضة الحج وخدمة الحجيج ليؤدوا مناسكهم على أكمل وجه بلا تعب ولا نصب.
وحرصاً من حكومتنا منذ نشأتها على شرف خدمة ضيوف الرحمن فقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- كل من يلزم على العمل الدؤوب ليؤدي الحجيج مناسكهم بكل راحة وطمأنينة وسهولة، وقد أولت القيادة الحكيمة اهتمامها بموسم الحج لتسخير جميع الإمكانات والتقنيات المختلفة لترقى خدمة الحاج فوق سقف المأمول.
وانطلاقاً من رؤية المملكة 2030 ودعمها للجانب التطوعي في المملكة فقد دعمت الدولة جميع البرامج والمبادرات التطوعية الحكومية والأهلية المختلفة وتهدف لرفع نسبة المتطوعين إلى المليون متطوع في المملكة العربية السعودية في عام 2030، ومن أجل تحقيق هذا الرقم فقد بدأ العمل على توعية المجتمع بأهمية العمل التطوعي وتدريب المتطوعين وتسهيل ودعم التطوع في جميع الوزارات والجمعيات والمنظمات المختلفة والعمل على تيسير إجراءات التطوع سواءً داخلياً من الموظفين المنتسبين للمنظمات أو خارجياً من مختلف أفراد مجتمعنا المسلم والسباق دائماً للمشاركة في أعمال الخير وبرامج التطوع المختلفة. ومن ضمن هذه البرامج دعم وتشجيع الراغبين للمشاركة في البرامج التطوعية في موسم الحج وذلك لتمكين الجميع للمساهمة في هذا الشرف الجليل والعظيم لخدمة ضيوف الرحمن والرقي في جميع الخدمات المقدمة للحاج.
سأسعى لذكر بعض البرامج والمبادرات التطوعية في موسم الحج التي أثبتت نجاح الشراكة المجتمعية بين أفراد المجتمع وبين المنظمات الراعية لبرامج التطوع في مجتمعنا الإنساني المسلم ومن أبرزها: برنامج كن عونا ويتميز هذا البرنامج بوضع خطط للخدمات وبتكليف المتطوع حسب مؤهلاته ومهاراته. وأيضاً جهود الطلاب السعوديين ومشاركتهم في الكشافة السعودية ووقوفهم مع رجال الأمن لمساعدة الحجاج وكذلك جهود طلاب الجامعات في كليات الطب والتمريض في برامج التطوع داخل المناسك وخارجها لإسعاف وطب المسافرين المتوجهين إلى مكة المكرمة في حال الحوادث لا سمح الله. وفي مجال التطوع التقني في موسم الحج، سيقام في هذا العام فعالية «هاكاثون الحج» بتنظيم من التحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، والذي يعني في عمل الأبحاث وابتكار الحلول التقنية لتحسين تجربة فريضة الحج. كذلك شراكة مجموعة من المستشفيات الحكومية والأهلية في البرامج الصحية التطوعية في الحج التي تهدف إلى تحسين الحالة الصحية لضيوف بيت الله الحرام ورعايتهم وعمل البحوث الدراسية، وتقدم هيئة الهلال الأحمر السعودي 13 إدارة للتطوع مشاركة بعدة تخصصات في الحج وكذلك برامج التطوع للإسعاف المقدم من هيئة الهلال الأحمر السعودي بالشراكة مع وزارة الصحة. وأيضاً برامج الدفاع المدني للتطوع في موسم الحج، وغيرها الكثير من البرامج الأهلية لاتي لا يسعني حصرها.
جميع هذه البرامج والمبادرات لاقت استحسان وحماس ومشاركة من أفراد المجتمع، ولكن لايزال هناك نقص وحاجة لزيادة أعداد المتبرعين. ولتحقيق ذلك لابد من ترسيخ ثقافة التطوع المجتمعي لدى النشء، بالإضافة إلى حث المنظمات الأهلية والحكومية على عمل برامج تطوعية وتكريم المنظمات والمتبرعين، وإقامة دورات تعنى بتوعية المجتمع في الأثر الإيجابي للتطوع على المجتمعات، وكذلك إقامة ندوات ومؤتمرات لاستقطاب المتبرعين وتدريبهم، أيضاً أهمية دعم مشاركة المرأة في العمل التطوعي وتسهيل إجراءاته، وضرورة الدعم الإعلامي ووسائل التواصل الاجتماعي لشتى البرامج التطوعية، والاهتمام بنشر الخطاب الإسلامي الداعم والداعي للتطوع وعمل الخير كما في قوله تعالى: (فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ) وقوله: (وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).