د.ثريا العريض
بعد غدٍ عيد الأضحى سيحتفل به المسلمون أينما كانوا في شتى أنحاء المعمورة.. فكل عام وعالمنا الإسلامي في إطاره الكبير بألف خير وسلام.
نحتفل به هنا وقد احتشد في بيت الله الحرام بمكة المكرمة ملايين الحجاج لبوا النداء، يجمعهم الشوق لإكمال أركان دينهم، والشكر للعناية والرعاية التي شملتهم بها كل الأجهزة الرسمية المستنفرة.
عاماً بعد عام تقدم المملكة في الحج مثالاً يقتدى به، ليس فقط في حسن الأداء والتنظيم وإدارة الحشود بل تقديم كل الخدمات المطلوبة لملايين الحجاج، على اختلاف لغاتهم وحالاتهم العمرية والصحية، بمنتهي الحضارية وأقصى ما وصلت إليه التقنية من قدرات، تسهل على الحاج تحمل مشقة أداء المشاعر، ومتطلبات الحج، ومفاجآت ظروفه الذاتية.
الحمد لله نتفوق على أنفسنا كل عام.. ويعود الحجاج لديارهم سالمين غانمين سعداء يلهجون بالشكر المستحق لما حصلوا عليه من الاهتمام الصادق. كل عام وأبواب بيت الله مفتوحة لكل من يأتي هاتفا لبيك لا شريك لك لبيك.. في سلام وأمان ورعاية عيون لا تنام.
كأني بملايين الحجاج يدعون الله أن ينعم على ديارهم وأوطانهم بالسلام والأمن، وأدعو، ككل المدركين لقيمة السلام والاستقرار وضرورات عمار الديار، أن تنتهي كل الصراعات والحروب، وأن يسود السلام والوئام.
ليت روح السلام في هذا الموسم الأمن تشع لتضيء وتشمل كل جوار مضطرم بصخب الخلافات الداخلية وآلام ما يعاني منه الملايين من حروب دامية في أوطانهم. مع الأسف روح السلام بعيدة عن معظم ديار الجوار.. وملايين لن يشعروا بمذاق الاحتفال بالعيد.
نعم كلنا يعرف كم هي تكلفة الحروب عالية ماديًا ومعنويًا وإِنسانيًا.. رحم الله كل الشهداء الأبرار.. وشمل بعين رعايته حماة الحدود والأجهزة الأمنية. وسائر أنحاء الوطن.
أدعو الله أن يأتي العيد القادم وقد توقفت كل الإشتباكات وعم السلام وعاد الفارون من أوار الحروب ليسهموا في إعمار بلادهم.
وأدعو الله أن يقوينا لنحمي السلام وأراضي الجزيرة العربية من أطماع الطامعين.
وأدرك كما يدرك كل العقلاء أنه ليس بالإمكان اتخاذ قرار ببناء جدران لحماية الذات من شرور الخارج والمترصدين. أصبحت الصراعات القاتلة عابرة للحدود، وبفعل فاعل يسعى في تصدير ليس فقط الأفكار والانفعالات المسرطنة عبر الحدود إلى أوطان الغير، بل يرسل أيضًا الأسلحة التي سيقتل بها بعضهم بعضًا ومن سيدربهم على مهارات استعمالها ويقودهم في تدمير الأوطان.. ويمول تهريب المخدرات والمتفجرات وكل ما سيسهم في زعزعة الأمن والاستقرار.
ولا أشك أن مواطني الدول المشتعلة والدول التي تطالها الشواظ لا يرغبون في استمرار مسلسل الموت لإشباع شبق المتعطشين للترؤس. ولكن التشبث بالسلطة ورغبة الهيمنة مرض عضال. ولذلك فقرار الدفاع عن أمن المنطقة وبناء قوة التحالف كان قرارًا مصيريًا لابد منه سياسيًا، وإن كانت تكلفته عالية اقتصاديًا وإِنسانيًا. المغرضون والمستفيدون من تشتت العقلاء هم فقط من يزعجهم تحالفنا مع كل الجهات الواعية لأطماعهم، وإصرارنا على إنقاذ الجوار وأنفسنا من سموم شرورهم دفاعًا عن سلامة أبنائه واستقرار أمنه واستدامة السلام.
ثم لا رغبة لنا في الهيمنة على أحد.. فقط استدامة السلام والأمان وكرامة الإنسان. اللهم نقف بين يديك لندعو وأنت السميع المجيب.