«الجزيرة» - محمد العمار:
أكد لـ«الجزيرة» مختصون اقتصاديون أن آثار قرار النظام القطري ضخ 15 مليار دولار كاستثمارات مباشره في تركيا لن تغير شيئًا في مشكلة الاقتصاد التركي الذي يحتاج إلى مئات المليارات لمعالجة الاختلالات الهيكلية بالاقتصاد. لافتين إلى أن أزمة تركيا الاقتصادية ازدادت بعد فرض الولايات المتحدة رسومًا على الألمنيوم والصلب التركي مثلها مثل بقية الدول الأوربية والصين ودول أخرى، لكن تركيا حاولت الهروب للأمام واعتبرت أن ما تقوم به الولايات المتحدة حربًا اقتصادية من أجل تبرير أردوغان انهيار الليرة التركية منذ بداية عام 2018 والتي فقدت 40 في المائة من قيمتها أمام الدولار.
وقال الكاتب والمحلل الاقتصادي محمد العنقري: الأثر الذي رأيناه بمدى قصير ومعنوي استغله المضاربون بتحسن بسعر صرف الليرة لكي يتمكنوا من التخارج منها لكن المتوقع استمرار نزيف الليرة مستقبلاً لأنها ستعكس واقع الاقتصاد التركي بنهاية المطاف، لذلك فإن معالجة أزمة تركيا ستحتاج لما بين خمسة إلى عشر سنوات حتى تعود الاستثمارات النوعية للاقتصاد وتعالج مشكلات القطاع الخاص والبطالة فيها، وتركيا كانت كمن يهرب للأمام بالنمو الراسي الذي كانت تحققه من رسملة أجنبية وقروض خارجية وأموال ساخنة تدخل لسوق الأسهم والعقار لكن الآن أتت لحظة الحقيقة ومواجهة الواقع واستثمار قطر فيها حاليًا يعد قرار مبكر جدًا لأن المشكلة كبيرة ولم يتم حصرها واحتواؤها كون تركيا ما زالت تنكر الأزمة وتعتبرها مؤامرة خارجية وهذا سيؤخر الحلول وسيرفع من حجم ثمن الحل. ولذلك فإن الأثر للاستثمار القطري يمكن القول أنه سيتلاشى في ظرف أيام قليلة ويعود السوق والمستثمر لتقييم واقع اقتصاد تركيا كما هو وما يحتاجه من وقت ليتحسن.
وأضاف العنقري: قطر ارتفعت فيها التكاليف وزاد التضخم وأنفقت أموالاً كبيرة بعد مقاطعة الدول الأربعة لها ولذلك فإنها تحاول إخفاء الآثار الاقتصادية السلبية عليها بفائض المال الذي تملكه لكنه سيستنزف على المدى المتوسط إذا استمرت المقاطعة، لأن الإنفاق سيفوق الإيرادات واستثمارها بتركيا ليس قرارًا اقتصاديا بل سياسي ولذلك سيفتقر للجدوى وسيكون فيه خسائر إضافية لأن فترة استرداد رأس المال ليست معروفة كون مشكلة تركيا لم يتم حصرها وما ظهر ليس إلا رأس جبل الجليد فقط. بدوره قال الأكاديمي الدكتور عبد الحفيظ محبوب إنه في ظل أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة التي تتجه بدورها نحو تشديد العقوبات على الحليف التركي، فمن المستبعد أن تجد تركيا بدائل وعددًا من حلفائها لدعم استقرار الليرة التركية التي فقدت أكثر من خمسي قيمتها حتى أغسطس 2018، بسبب أن إيران تواجه ضغوطًا أميركية شديدة على خلفية الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي والتي تزامنت مع هذا الانسحاب عقوبات اقتصادية مشددة يصعب على النظام الإيراني مد يد العون لتركيا. كما لن تجد تركيا في قطر المتآكل اقتصادها أي دعم حقيقي، مستدركًا بأن زيارة أمير قطر لتركيا أتت بعد انتقاد الصحف التركية، ولن تفيد الزيارة عمليا على إنقاذ أنقرة من محنتها رغم أن تميم تعهد باستثمار 15 مليار دولار في تركيا. لافتًا إلى أنها مجرد زيارة استعراضية، وزيارة رفع عتب أكثر منها تضامن ودعم، فقطر أكثر حاجة لمن ينقذها من ورطتها.