فهد بن جليد
أمس الأول اتصلت بالسيد «كريش» سائق شركة تأجير السيارات التي أتعامل معها، ليأتي إليَّ في مدينة دبي للإعلام ويستلم السيارة التي استأجرتها، في الطريق أخذنا الحديث عن عدد التقنيين الهنود من «كيرلا» مسقط رأسه، الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بعد أنَّ استقطبتهم الشركات هناك، وكيف أنَّ مُستقبل الهند مُرشح للتغيير كثيراً بفضل هذه العقول، وصلنا المطار والنقاش لم ينته على أن نكمله في المرة القادمة، كنت أنا من يقود السيارة، ودعته مُسرعاً وذهب، أنهيت إجراءات سفري للمشاعر المُقدسة لتغطية الحج على الرحلة رقم Ek 803 المُتجهة إلى جدة، وأذكر حينها أنَّ موظف الجوازات داعبني قائلاً «ناحف كثير عن الصورة، مستوي أصغر» بفضل هذا الكلام شعرت أنَّني حققتُ إنجازاً أولُمبياً، وكسرت رقماً قارياً في خسارة الوزن، مُتحدياً إغراءات الولائم والمناسبات والبوفيهات المفتوحة «المجانية» التي مررت بها في الأشهر الأخيرة.
لم يقطع هذه الفرحة وأنا أخرج ما في جيبي للتفتيش، إلاَّ مفتاح «سيارة كريش»! أكملت المرور وبعدها سألت موظفة الأمن ما العمل؟ لدي مفتاح يجب أن أعيده لصاحب السيارة، تحدثت مع المسؤول، حينها اتصلت «بكريش» وقلت هل تملك مفتاحا آخر؟ لأرسل لك المفتاح لاحقاً من السعودية «عبر البريد»، أخبرني بحجم المشكلة التي سيواجهها لأنَّه نسي استلام المفتاح، وهنا شعرت موظفة الأمن في المطار أنَّ مُشكلتي ومشكلة «كريش» مُشكلتها أيضاً، وقالت لي تفضل أخذت لك الأذن من المسؤول «بالخروج معي» والعودة من نقاط التفتيش والجوازات إلى منطقة إنهاء إجراءات السفر واستلام الأمتعة، كآخر نقطة لا يمكن تجاوزها لأنَّك حينها ستخرج من المطار، «كريش» وصل البوابة في الخارج، ولكنَّه لايستطيع الدخول خشية أن لا تُعاود السيارة العمل «دون المفتاح»، اعتدت شرح الموقف الجديد للموظفة، التي طلبت مُساعدة «موظف آخر» تطوَّع لاستلام المفتاح مني، وأخذ رقم هاتف «كريش» وتكفل بالذهاب إليه خارج المطار وتسليمه المفتاح، رغم أنَّها هذه ليست من مهامه، حيث يمكن ترك المفتاح في الأمانات، بالفعل نجح الأمر، عاودت الدخول مرة أخرى برفقة «موظفة الأمن» دون إجراءات الجوازات ولا إعادة التفتيش، وسمعت موظفا آخر يقول لزميلته التي رافقتني «نسيتي تصوير المفتاح، وتدوين خدمة المساعدة»، فأجابته وهي تبتسم «الأجر من عند الله» عندي استعداد لمُساعدة وخدمة جميع المُسافرين ليبقوا سعداء» هي لا تعلم أنَّي أسمع وأفهم الرَّمسة التي تدور بينهما، تشكرت منها وأكملت طريقي نحو بوابة المُغادرة.
أكتب هذه القصة في الطائرة، تأكيداً لنظرية أنَّ المطارات هي «العنوان العريض للدول» كأول وآخر ما يرسخ في ذهن وذاكرة زائريها شكراً «مطار دبي» وشكراً «للأخت الموظفة» التي لم يسعفني الوقت لمعرفة اسمها ولزميلها، وأنا مُتأكد أنَّهما «لم يخدماني» ليقرآ هذه القصة في الجريدة، بل لأنَّهما يُمارسان «أخلاقاً» أكثر من المهام والعمل اليومية، بهدف إبقاء الناس من حولهما «سعداء».
وعلى دروب الخير نلتقي.