فيصل خالد الخديدي
يحرص الفنان عادة على تطوير أدواته والتقدم في مجاله والرقي بإبداعه وصقل مواهبه والاشتغال على نفسه فكرياً وتقنياً واستثمار المواقف المحيطة وخلق الفرص المناسبة له ولإبراز فنه وإيصال رسالته، وإذا لم يتم استثمار بعض الفرص المحيطة به بشكل جيد ومناسب ربما تتحول هذه الفرص إلى تهديدات تسيء له ولرسالته وتحيد بها عن أهدافها وتعطل الفنان وإبداعه، فالفرص تأتي بشكل عارض ومؤقت من خارج نطاق الفنان والذكاء والاحترافية منه في اقتناصها وإدخالها في محيطه والاستفادة منها في دعم مشروعه وتحقيق رسالته، والأكثر ذكاء واحترافية من ذلك في التعامل مع المواقف هو أن يستطيع الفنان تحويل التهديدات المحيطة به والسلبيات التي تعترضه إلى فرص يمكن استثمارها وتدعيم مشروعه وإبداعه بها وجعلها محفزة وميسرة لظهور مشروعه بالشكل الذي يطمح له وأكثر، فمن الحكمة التعامل مع المواقف الطارئة بعقلانية أكثر وصبر وتروٍ بعيداً عن الانفعالية والتحريض والتشنج لوجهة النظر دون استيعاب لصورة الموقف كاملة ولا للمنفعة العامة وما يمكن أن يتحقق للفنان ومجتمعه الفني من مكاسب.
ومن الفرص المتاحة في الساحة التشكيلية المحلية تعدد المؤسسات الثقافية التي ترعى الفن والفنانين بين هيئات وجمعيات ووزارة ومؤسسات ثقافية خاصة ومؤسسات تعليمية، فهي في ظاهرها فرص يمكن من خلالها تقديم الرعاية والاستثمار في الفن والفنانين، ولكنها بوضعها الحالي ربما تشكل في تفاوتها في الدعم والرعاية تشتتاً للفن وقضاياه وازدواجية أو تنافسية تبتعد بالفن عن أهدافه ويكون الخاسر الأكبر فيها الفنان ومنجزه، فالفنان بحاجة لمظلة رسمية ترعى مصالحه وتوثق منجزه وتحفظ حقوقه وتنظم الساحة التشكيلية بكل تفاصيلها، ولعل المهمة الكبيرة التي تنتظر من وزارة الثقافة في هذا المجال تنظيم المؤسسات الثقافية المختلفة لتنضوي تحت لوائها في عمل تكاملي بمنهجية علمية وعمل مؤسسي يذلل الصعاب ويضمن للفنان مناخاً آمناً ليبدع ويتفرغ لفنه وإبداعه.
إن إدارة قضايا الفنانين سواء الشخصية أم الجمعية في الساحة التشكيلية المحلية بحاجة إلى احترافية أكثر في التعاطي مع الفرص واستثمارها، والتهديدات والتغلب عليها وإعادة صياغتها لتصبح فرصاً تستثمر لصالح الفنان وقضاياه.