محمد المنيف
عندما طلب مني الأستاذ خالد المالك في منتصف عام 1400 هجريًّا أن أقوم بتحرير صفحة مستقلة للفنون التشكيلية بسؤاله لي (هل تستطيع ذلك؟) كان السؤال مفاجئًا لأسباب عدة، أولاً لعدم إلمامي بإعداد الصفحات؛ إذ كنت أتعاون مع الجريدة بتحرير الأخبار، وتغطية المعارض، وإجراء الحوارات التشكيلية، وفي خطواتي الأولى لكتابة الزاوية. الأمر الثاني أن الساحة في تلك الأيام لا يمكن الاتكاء عليها لتخصيص صفحة من الجريدة لقلة المعارض، أو لتباعد إقامتها، وخصوصًا التي تقيمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع بعض المعارض الشخصية هنا وهناك، إلا أن ثقة أبي بشار كانت أقوى من أن أعتذر؛ فوافقت؛ فأتبع موافقتي بأن أذهب للأستاذ محمد الوعيل نائب رئيس التحرير ليشرح لي كيفية تبويب الصفحة.
إلى هنا والأمر طبيعي. أما الأمر الأهم الذي لا يعلم عنه القراء التشكيليون فهو تشجيع أبي بشار الفنون التشكيلية والفنانين، وأعني به ذائقته الراقية، وزياراته لبعض المعارض، أو عند حديثه معي عندما أجد الفرصة للقائه في وقت مقتطع من وقته عن فنون العالم ومتاحفها؛ كونه يقضي أغلب إجازاته في عاصمة الثقافة والفنون (باريس).
توَّج أبو بشار تلك المفاجأة بما سطره في مقدمة كتاب الزميلة سمر النصار، وما تضمنته المقدمة من معلومات، أضاء أبو بشار زواياها التي لم تكن تخطر على بال كثير من (كتّاب الفن التشكيلي)، وإن كنا قد مررنا بها مرور الكرام، لكن الجميل في الأمر هنا أن ما سطره أبو بشار يأتي من محايد، يرى جمال وعيوب الغابة من خارجها.
وهنا أعود للبداية في تخصيص صفحة للفنون التشكيلية، وحرصه على أن لا تتوقف عندما اختار لها يومًا لا تطوله الإعلانات في زمن زحامها، أو أن تستبدل بأي صفحة أخرى. هذا الاهتمام لم يأتِ من فراغ، وإنما من نظرة مستقبلية، سبقت الزمن، استشرف فيها ما سيتحقق لهذا الفن من نشاط كبير، يصل به الفنانون إلى العالم عبر أنشطة فردية، أو بما أقر من برامج في فعاليات ثقافية وطنية خارج الوطن، وكانت الجزيرة سباقة فيها، إما بالحضور، أو بالمتابعة؛ فلم نعد نستوعب الكم الكبير من الفعاليات، وإنما أتاحت لنا الانتقاء.