ميسون أبو بكر
أنا أدرك جيداً قيمة - الإعلامي- الذي يحمل هذا اللقب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولَم يقترن به لمجرد أنه من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي من الذين لم يضيفوا شيئاً للمجتمع، أو ممن حصل عليه (لقب إعلامي) فخرياً من أحد المواقع (النكرة) كحملة الشهادات الوهمية، تذكّرني بهذا إحدى (الإعلاميات) الملقبة بدكتورة وهي غير حاصلة حتى على شهادة الثانوية العامة لكن العبث الإلكتروني جعل من هذه الأمور آفة العصر.
الإعلام مهنة سهلة اليوم لمن لا مهنة له، الجهاز الذكي الذي يحمله الشخص بغض النظر عن عمره ومستواه الفكري والثقافي والتعليمي وشهاداته يمكن أن يمنحه هذا اللقب بسهولة مجرد نشر خبر (بغض النظر عن صحته أو مصداقيته)، وللأسف بعض المجتمعات تنساق بسهولة للهوس الإلكتروني ووسائل (السوشيال ميديا) وإعلاناتهم وأكاذيبهم أيضاً، بل نتج لنا جيل (الله الساتر) منقاد لهؤلاء مغرم بتقليدهم.
منذ وقت مضى والإعلامي الحقيقي كان قدوة لغيره من الإعلاميين المبتدئين والموهوبين وطلاب كلية الإعلام الذين يذهب منهم القليل بعد التخرّج للعمل في المؤسسات الإعلامية، الإعلامي الذي يعد مادته جيداً ويتواصل مع الضيوف بنفسه ويعد تقاريره ويختار مواضيعه وضيوفه ولا يتقيد بتسلسل الأسئلة التي أعدها فيتورّط في الإعادة ويحرج نفسه أمام المشاهد.
اليوم وما أدراك ما حال بعض الإعلاميين الذين هم كـ (فاترينا) لعرض الأزياء دون محتوى، وكالببغاوات يقرأون ورقة معدة مسبقاً من فريق الإعداد كما هي دون أن يكون لهم جهد أو تكون لهم ثقافة واطلاع كاف.
علي العلياني استطاع أن يكون مثال الإعلامي الناجح في الفضاء الخليجي والعربي، هو يعد حلقته جيداً ويعي كل أبعاد القضية التي يتناولها، بسلاسة وثقافة عالية ووعي يخرج كل ما في جعبة الضيف ويحاور ويناور أحياناً أخرى سواء في القضايا المحلية التي تعودنا طرحه لها في روتانا أو في mbc من خلال معالي المواطن أو البرامج الرمضانية الناجحة التي استضاف من خلالها مشاهير من الإعلام والفن والثقافة.
استطاع من خلال «مجموعة إنسان» أن يطل على المشاهد العربي بخلاصة من أدواته الإعلامية الناجحة والمتميزة ولعله نموذج قائم للكثير من الإعلاميين السعوديين الشباب سواء في القنوات الحكومية والذين اتسع لهم المجال والإمكانيات أو أولئك الذين استقطبتهم القنوات الخاصة.
الإعلامي اليوم هو الذي يؤدي رسالة إعلامية سامية يؤمن بها ويحيط بتفاصيلها ويقدّم ما يرتقي بذائقة المشاهد غير منحدر به وغير مضلّل، والمشاهد هو الحكم، وهو الذي لا بد أن يكون أكثر وعياً وأكثر بعداً عن السفه الذي يتداول اليوم.
في مسيرتي الإعلامية بقيت أومن بأن النجاح الحقيقي لا يقيمه عدد المتابعين (والذين أسقطهم تطبيق تويتر في خطوته الرائعة قبل أيّام) لكن الشهادة الحقيقية هي شهادة أولئك الذين استضفت من الذين صعب على غيري من الإعلاميين استضافتهم، وأولئك الذي تابعوني واقتدوا بي حاملة لكل فرد منهم الود والتقدير.