د. خيرية السقاف
كيف يشعر صغارك بقيمة الأيام العشر من ذي الحجة إن لم تكن تستشعر معهم هذه القيمة بالقول والفعل، بالإقبال عليها، والاستئناس بها؟
بمثل ما كيف يحرصون على صلاتهم إن لم تكن أنت قدوتهم، ودافعهم لأدائها بترغيبهم، وتقريبهم من مفاهيم عبادتهم، وروحانيات أدائها، وتذوق لذة القيام بها ذِكرا رطبا، وتلاوة خاشعة، دون أن يكلُّوا، أو يملُّوا، ودون أن يتقاعسوا، أو يتأخروا؟
بمثل ما كيف ترغب في أن تكون أخلاقهم، وكيف تتطلع أن يكون سلوكهم ؟!
فثمة ما بين المرء وذاته، وإن أجلُّه الذي بينه وربه، وهذا حصاد التنشئة، وثمة ما بينه وبين الناس، وإن أنقاه هو ما يرتجيه من رضاه..
وهو أيضا حصادها، والحصاد ثمرة الزارع فكيف هو حالك في الزارعين؟
إن المفاهيم، والقيم، والأفكار، والآراء، والقناعات، واليقين، والرغبة، والإقبال، والحب فالأداء، لكل ما بين وبين في المرء تؤسس بالغرس، والعناية، والتنمية، والدربة، والرعاية، والقدوة..
لذا فالصغار الذين لا يعنى كبارهم بنشأة وجدانهم الإيمانية، ودُربة أفعالهم التعبدية ينشؤون وقد تثقل عليهم عباداتهم، وتفرغ معارفهم من قيمها، وتخلو أذهانهم من واجباتهم، وتقصر جوارحهم عن أفعالها، وأقل ما يوسمون به أنهم مسلمون صفة، لا فعلا، وهذه قضية عظمى..
في الوقت الذي يتناسى هؤلاء الكبار أنهم مسؤولون عن هذا،
وسوف يُسألون عنه، وعما حصد صغارهم من معينهم، وملمح قدوتهم !..
هذه حقيقة ليست من عواهن القول، وقضية ليست على هامشه،
وإنما تلح مسؤولية الكلمة عليها بمثل ما تلح في الصدور رغبة التَّنفس من أجل الحياة.