حمد بن عبدالله القاضي
إننا مهما ادعينا الجلد والقوة والثبات إلا أننا كثيراً ما نجد أنفسنا في حالة ضعف لا نستطيع معها أن نقاوم أو نقف على أقدامنا!
كثيرًا ما تسمق شجرة الكبرياء في أعماقنا.. ولكننا -بسرعة الومض- نجد أن هذه الشجرة قد تطامنت عن عرش جبروتها.
كثيرون هم أولئك الذين ملؤوا مدن التاريخ بجلجلتهم وعظمتهم ولكنهم في لحظة ما من لحظات حياتهم تطامنوا، واستكانوا، وتحولت قوتهم إلى ضعف، واشرئبابهم إلى خور حتى لو هبت نسمة على أجسادهم لجرحتها وأدمتها.
وحافز الضعف البشري الذي يغزو قلعة الإنسان فيهدم أسوارها يتباين من إنسان إلى إنسان مغاير.
فهذا شاعر العربية المتفرد «المتنبي» الذي جعل خيول الكبرياء تمشي وراءه، وأسمع الصم من فرط غروره.. ها هو في لحظة ضعف أو لحظة حزن اعترته عندما ألجأته يد الدهر إشلى من لا يريد قال في ضعف وحزن بالغين يخاطب نفسه:-
«كفى بك داء أن ترى الموت شافيًا
وحسب المنايا أن يكنَّ أمانيا»
* * *
=2=
عبدالرحمن المصيبيح:
سراج الأخلاق الذي انطفأ
** حز بنفسي أنني لم أقم بالمشاركة بوداع هذا الراحل العزيز عبدالرحمن المصيبيح فلم أُصلّ عليه ولم أشيعه إلى مثواه عليه رحمة الله.
لقد كنت مسافرًا عندما انتقل إلى جوار ربه وهذا من سلبيات السفر عندما يحرم الإنسان من لحظات الوداع الأخيرة للغاليين الراحلين.
لا تزال صورة الراحل أمام عيني وأنا أراه ممدًا على سرير المستشفى وقد انطفأ وهج الحياة بعينيه وترمّدت شعلة النشاط بحراكه.
منذ عرفت هذا العزيز لم أسمع منه كلمة سوء بحق أحد، أو شراسة بالقول بحق أي إنسان.
كان عفّ اللسان طيب المعشر أريحيّ الكلم.
غاية همه أداء واجبه العملي بأمانة وإتقان سواء بميدان الصحافة أو بفصول التعليم.
لقد كان وفيا لمن عمل معهم ولمن قدّروا عطاءه، وفي عالم الصحافة حدثني كثيرًا عن رئيس تحرير هذه الصحيفة خالد المالك الذي كان محفّزا له ومثمّنا لعمله الميداني في فضاء الصحافة، وكان الأستاذ خالد وفيّا له ومقدرًا له خلال حياته ثم بعد رحيله رثاه بمقال تأبيني يفيض بالوفاء ما بين حروفه وسطوره.
كلنا سنرحل عن هذه الدنيا مهما كانت مواقعنا وثرواتنا
ولن يبقى لنا سوى الذكرى المضيئة والثناء المستحق.
وها هو هذا الراحل يغيب من أمام أحداقنا مخلّفا أعطر ذكر وأبهى ذكرى رحمه الله.
- اللهم أبدله دارًا خيرًا من داره وأهلاً خيرًا من أهله وأدخله الجنة وأعذه من عذاب جهنم
* * *
=3=
آخر الجداول
- لغازي القصيبي رحمه الله
« تبارك الله نمضي كلنا زُمَرا
نحو المنون ويبقى الواحد الأحد»