منصور بن عبدالله الغفيلي
أحسب أن أخي الغالي محمد العبدالله العساف محافظ الرس
-رحمه الله- باق معنا وإن رحل،
حاضر وإن غاب، قريب وإن ابتعد،
فقد كان -رحمه الله- قلبا كبيرا لبلدته،
وأبا لأهل محافظته، قريبا من الكبير والصغير، والغني والفقير، فلذلك اجتمعت على حبه القلوب فقد كان منصبه وسيلة لخدمة الناس وعونهم، وكان ذلك شغله الشاغل من حين كان موظفًا في المحافظة ثم مديرًا لمكتب المحافظ فمديرًا لشؤون المراكز ثم لشؤون الموظفين فوكيلا للمحافظة ثم محافظا بالإنابة فمحافظا بالمرتبة الخامسة عشرة حتى ترجل -رحمه الله-.
فظل مع هذا التدرج الوظيفي الطويل متميزا في إدارته، محافِظًا على مبادئه متحليًا بطيب تعامله، وجميل إنسانيته،
فلم تكن الصفة الرسمية والحواجز الإدارية مانعة من أن يتفقد أحوال موظفيه الشخصية وظروفهم العائلية، فزرع في الموظفين انتماء لعملهم فتفانوا فيه، مع تميزه الإداري ونظرته الثاقبة، فتطورت محافظة الرس معه بشكل كبير وفرح بذلك الصغير والكبير مما أكسبه ثقة ولاة الأمر ودعمهم -حفظهم الله- وهكذا كان مع القريب والبعيد فقد كان يتفقد الأسر المحتاجة بنفسه ويسهم في إطعام الطعام وترميم منازل الفقراء وكفالة الأيتام بماله إن كان لديه ما يكفي، أو استعان بالموسرين، رحمه الله.
كان متواضعا مع الجميع،
يحضر اجتماعات الأسر ويشجعهم على التواصل، ويهتم بشؤونهم ويتفاعل مع همومهم،
لقد كان -رحمه الله- يلاحق الزمن ويواصل العمل، وكأنه يشعر بقرب الأجل فقد أصيب بمرض عضال في منتصف مدة تكليفه قبل ثلاث سنوات ولم يمنعه ذلك من مواصلة مهامه والتحامل على نفسه صابرًا محتسبًا الأجر من ربه، طمعًا في القيام بخدمة الناس ونفعهم، وكنت كلما قابلته وجدته أكثر تواضعًا وهمة ونشاطًا وسرورًا وانشراحًا مع ما يعانيه من آلام لكن القلوب الطيبة تقوي الأجسام.
كانت جنازته مشهودة حبا له ووفاء لحقه بحضور أمير منطقة القصيم صاحب السمو الملكي الدكتور فيصل بن مشعل آل سعود جزاه الله خيرًا على تواضعه ومشاركة أبناء منطقته أفراحهم وأحزانهم، وليس هذا غريبًا منه ولا كثيرًا على محافظنا الفقيد -أبا منصور- أسبغ الله عليه عفوه ومغفرته وأحسن العزاء لذويه ومحبيه ولأهل مدينة الرس التي أنجبته ولم تزل تنجب أبناء بررة كسائر مدن مملكتنا الحبيبة، أرخى الله عليها ستره وحفظها وولاتها ورجالها من كل سوء..