ما تفاجأتُ بما قامت به هذه الصحيفة الغراء من تغطية صحفية وفية لوفاة الزميل العزيز، ورفيق الدرب الخلوق: عبد الرحمن بن صالح المصيبيح أبرزتُ -من خلالها- ما تحمله له قلوبُ أحبائه وزملائه من مشاعر الحب والإخاء، وتفيض به نفوس أصدقائه وعارفي فضله من الدعاء له بأن يتولاه الله بعنايته ورحمته، كفاه ما قدَّمه لهم ولأمته ووطنه من أعمال نافعة طيلة أربعين عاماً؛ في هدوء وصمت، وموالاة واستمرار. إن في التعليم، أو الإذاعة، أو التلفاز، أو صحيفة الجزيرة.
فشكراً لصحيفة الجزيرة على هذه التغطية، شكراً للأستاذ خالد المالك، شكراً لكل المسؤولين فيها، لأنهم أفردوا هذه الصفحات لزميلهم الذي غادرهم إلى العالم الآخر، ولم ينسوه بمجرد أنه فارقهم، وحلّ محله -في عمله- شخص آخر.
وقد عرفت الزميل المصيبيح منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وجمعني به كثير من الأعمال والمؤتمرات. وعرفت فيه -خلالها- كثيراً من سجاياه وصفاته الخيرة؛ التي لا تجتمع في آحادٍ من الناس إلا نادراً. ولعلي -في مقالة أخرى- أفردها في حديث مستفيض؛ آتي فيه على هذه السجايا التي تستكن فيه؛ وعرفها -بعمق- مثلي ممن خالطوه، وكانت لهم معه أسفار وذكريات وأشياء حميمة.
والزميل المصيبيح يستحق من الجزيرة هذا الوفاء، والجزيرة لا يُستغرب منها مثل هذا الوفاء لرجل من رجالها، أو لرجل من رجالٍ أي مرفق في بلادنا؛ عمل وأخلص ونفع، ثم ارتاح بالتقاعد أو الوفاة. والشيء لا يُستغرب من معدنه.
إن الوفاء صفة إنسانية سامية راقية، لا يعرفها، ولا يعرف جمالها وأنها مصدر سعادة إلا الأسوياء، وهي صفة من الصفات الكثيرة التي أخذت تتلاشى من حياتنا المادية العلمية المتحضرة البائسة.
** **
- د. إبراهيم بن عبد العزيز الدعيلج