فهد بن جليد
سحر الابتسامة ووقعها على النفس لا يُقدَّرُ بثمن، أعجبتني كثيراً مُبادرة مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة التي أطلقها بالتعاون مع طيران ناس، لتقديم هدايا للمُوظفين المُبتسمين في وجه الحجاج القادمين لأداء الحج في هذا الموسم، خطوة رائعة وذكية تدعو لنشر القبول والروحانية على وجوه موظفي استقبال الحجاج في المطار، رغم ضغوط العمل الكبيرة، وحساسيته المُعتادة، وساعاته الطويلة، مثل هذه المُبادرة صنعت الفارق لتُبقي الحد الأدنى من الأجواء الروحانية والمثالية في استقبال ضيوف الرحمن، وهي عنوان للأشخاص المُبدعين والخلاَّقين في جميع مطارات العالم، وأثرها على الحاج القادم للمشاعر المُقدسة لا يمُكن تصوُّره، وأجرها عظيم مع إدخال السعادة والسرور على نفوس هؤلاء الذين تركوا ديارهم وأموالهم وبلدانهم وأهليهم، وقصدوا مُتجرِّدين بيت الله الحرام، لأداء الرُكن الخامس من أركان الإسلام.
تلك هي اللغة الحقيقة التي يفخر بها كل سعودي ولا تحتاج إلى ترجمة، لتقع في قلب كل مُسلم قصد بلادنا، حتى تصل رسالة السعودية العظيمة في خدمة المُسلمين، وحتى يعلم ويعيَ هؤلاء حجم العمل والجهود الكبيرة التي نقوم بها ونبذلها من أجل راحتهم واستقبالهم، ابتسامة مُوظف المطار وهو في استقبال وفود الرحمن، ستمنحهم السعادة والراحة المطلوبة من بعد تعب وعناء ومشقة السفر والوصول، وستُعيد الأمل للمُحبطين لأي سبب فأوَّلُ من يلتقيهم من خدام الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة سيكون مُبتسماً وسعيداً بمقدمهم، هذا درس عملي ينطبق عليه قول الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي في مشهورته الشعرية « والذي نفسه بغير جمال / لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً», هذا ما يجب أن نراه ونلمسه في كُل مكان، في المنافذ، عند نقاط التفتيش، وفي استقبال الفنادق، وعند التعامل مع هؤلاء طوال مُدة بقائهم في بلادنا، التي سخَّرت وجنَّدت كل طاقاتها من أجلهم.
أتمنى أن تُعمَّم هذه المُبادرة الرائعة واللطيفة التي تُحسب لطيران ناس والمطار، لتكون منهج عمل لكُل قائد، ومُدير، وصاحب حملة، وعامل، كعنوان رئيس وواضح لمن يخدم ضيوف الرحمن، ولتُترجِّم بصدق كُل ما يُبذل من أجل راحة وسعادة حجاج بيت الله الحرام، ولتتوافق بجلاء مع ما تبذُله وتنفقه دولتنا - حرسها الله - من مشروعات ضخمة تُسهل على الحجيج أداء نُسكهم، فنحنُ أول من يستشعر شرف الزمان والمكان، ولنا في الابتسامة المُشرقة المرسومة على مُحيا خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - خير قدوة ومثال لكل من يخدم الحجيج، عندما يستقبلان الوفود في منى كل عام.
وعلى دروب الخير نلتقي.