د. صالح بكر الطيار
طالعت ما كتبته إحدى الكاتبات في إحدى الصحف الأسبوع الماضي عن «ما جدوى تعليم الفرنسية؟».. وقد استندت الكاتبة إلى انتهاء قوة فرنسا، وتراجع مكانتها العلمية والتكنولوجية والثقافية.. وغيرها. ووضعت اللوم على المدارس الأهلية والدولية في تعليم هذه اللغة. وللأسف فقد رأت الكاتبة الموضوع من زاوية خاصة، ولم تنظر إليه من أبواب متعددة. فبحكم تعلمي الفرنسية منذ أكثر من ثلاثة عقود، وبحكم دراستي الماجستير والدكتوراه في فرنسا، وإقامتي للعمل فيها، فإن هناك عشرات الشعوب الأوروبية والإفريقية وحتى دولاً عربية يتعاملون بهذه اللغة. ومن المهم جدًّا أن يتعلم النشء اللغات المختلفة. وأعد الفرنسية في مسار ثانٍ مع الإنجليزية، في حين أنها قد تحتل المرتبة الأولى فيما لو كان الطالب ناويًا إكمال دراسته في بعض الدول الأوروبية أو الإفريقية التي تعد الفرنسية لغتها «الأم». وليس من الصحيح أن نضع لغة مثل الفرنسية في خانة عدم الجدوى؛ لأنني والعديد ممن يتقنون هذه اللغة مع الإنجليزية وجدنا أهميتها، بل ضرورتها الملحة في التعامل مع الشعوب الأخرى، وفي مهام أعمالنا في أبحاثنا ودراساتنا. وهناك العديد من الطلاب والطالبات يدرسون في فرنسا في جامعات كبرى، تُعد من الأوليات على مستوى العالم، في حين أن الفرنسيين من الشعوب التي يوجد لها مواقع استثمارية في بلدان عدة، والعكس صحيح؛ لذا فإنها لغة مهمة على المستوى التعليمي والعلمي والاقتصادي وحتى الاجتماعي.
أرى أن تعلم اللغات أمر مهم جدًّا، ومن ذلك التعرف على ثقافات الشعوب، وأيضًا وجود أمان من مكرهم بمعرفة لغتهم، وقد أثبت ذلك نجاحه في وصول الإسلام إلى تلك الدول، وأيضًا الإسهام في دعوة الشعوب إلى الإسلام باعتبار اللغة وسيلة تواصل أولى وحتمية في هذا الجانب.
وقد شرعت العديد من الجامعات في إنشاء أقسام وكليات اللغات والترجمة لأهمية ذلك، مع أهمية وجود جوانب البحوث والتعاون بين دولتنا وفرنسا في مجالات عدة، وتوسيع إطارات هذا التعاون؛ الأمر الذي يجعل تعلم الفرنسية ضرورة وليست «بدون جدوى»!!
لذا فإني لا أتفق نهائيًّا مع ما استعرضته الكاتبة في مقالها، وأؤكد أنه يجب تعلم لغات الدول التي تربطنا بها علاقات ومصالح مشتركة، وفيها من الرعايا السعوديين الكثير.. ففي دولة مثل فرنسا يوجد بها الآلاف من أجل السياحة والتجارة والاستثمار والتعليم العالي.
لذا فإن تأهيل النشء في بعض المدارس الدولية أمر مهم، يؤتي ثماره في المستقبل متى ما رأينا الموضوع من زوايا وأبعاد عدة، تجعلنا على اتفاق مشترك متكامل بأهمية هذه اللغة، وضرورة تعليمها، سواء في المرحلة الابتدائية في بعض المدارس، أو في الصفوف المتقدمة، وفي بعض الجامعات.