عبده الأسمري
«كلمات من الذات» عنوان كتابي الأخير الذي أصدرته مؤخرًا..جاء الكتاب بعد مرحلة عصف ذهني ورحلة عاصفة فكرية استقرت بي على مرفأ «الفلسفة» فاتخذت من الحياة لوحة مفتوحة لتشكيل المشاهد في تصورات فكرية تنتهي بتوقيع «فلسفي» خال من التعقيد متاح لمن أراد الغوص في ماهية الكلمة ولمن وضع الذات منجمًا لصناعة العبارة دون تكلف أو تزلف.
تعمدت في كتابي «كلمات من الذات» أن ألبس الكلمة رداءً سيكولوجيًا وسوسيولوجيًا وأدبيًا ونقديًا كي تنطق بمكنونها لتشكل العبارة وتستنطق بمضمونها لتكمل المعرفة..
الذات هي المنبع الذي تنطلق منه الكلمة في وقت ربما تخرج الكلمة من اللسان فتكون نقلاً أو تلقينًا، فإما أن يستفاد منها ويتم تحليلها وتحديد هوية مسارها أو أن تظل كلمة جائلة تذهب هنا وهناك دون إخضاعها للأدب وإرضاخها للمعرفة ليستفاد منها في تشكيل نص أو حكمة أو عبارة قد تتحول يومًا من الأيام إلى منهج حياة يستفاد منه أو نهج سلوك ينجذب إليه.
الحياة جملة من الصراعات ومحاولة حلها، والسلوك مجموعة من المثيرات والاستجابات، وفي خضم ذلك فإن الحياة «كلمة» الكلمة حياة.
في كلمات من الذات اختصار للفلسفة وانتصار للمعنى وتوظيف للمتن وإلغاء للهامشية..
عندما تحدثت عن كلمات من الذات تمسكت بالحياد في الوصف والسداد في التوصيف حتى تظل الكلمة موزونة خارج إطار الذاتية وبمنأى عن التحيز.
الكلمات تتشابه مع الصفات تمامًا وبعضها قد يحتاج إلى التكرار للاعتبار وأخرى يتقمصها العقل الباطن بتلقائية مذهلة نتيجة «تجربة ماضية» أو «خبرة سابقة» أو «فكر مستقبلي».
في كلمات من الذات تجاورت الكلمات في الصفحات في «جيرة متشعبة» وفي «تجاور مختلف» إمعانًا في التعبير والتسطير لكل كلمة بعيدًا عن فهم المتلقي التلقائي تاركًا المجال للتحليل الشخصي والسير إلى الحلول الموضوعية عبر عبارات التصقت بكل كلمة حتى يذوب جليد «الفروق الفردية» لدى القارئ أو المتلقي.
في كلمات من الذات «فلسفة متنوعة» وضعت تصورات فكرية لكلمات تشكل «اختبارًا في عناوينها» واعتبارًا في تفاصيلها..
في الكتاب «تشخيص نفسي» لكلمات متعددة شكلت هوية ذات وهواية إثبات في متن «السلوك» وفي معترك التجارب الحياتية، لذا فإن توصيفها بشكل جمع التحليل والتنبؤ وضعها في ميزان عادل من الفهم والحفظ واليقين والتيقن بما توارد خلفها من عبارات مختصرة وضعت الكلمة في «قالب فكري» يؤول إلى الاقتناع والإشباع بمعرفة «ماهية الكلمة في حضور الذات» مهما اختلفت الرؤى وتخالفت الوجهات وتعددت الاتجاهات.
الفلسفة تضعنا أمام تجاذب حقيقي مع الكلمات التي تشكل في الحياة «مصادر سلوك» و»معالم امتحان» و»مواقف اختبار» و»منابع قرار»، في وقت تتشابه فيه معدلات الفهم البشري المبسط وتختلف فيه معادلات الإبداع الإنساني في التعامل مع الكلمة من منظور الذات بعيدًا عن اللغة الدارجة ومرور الكلمة بين البشر مرورًا «روتينيًا» وعبورًا «بديهيًا» دون التوقف والبحث في العمق المعرفي ومواءمته مع حياة تعد تلك الكلمة أو أخواتها «مصدرًا للتعلم والبحث»
كلمات من الذات يضع «القراء» باختلاف ميولهم وأطيافهم واتجاهاتهم وأفكارهم على مسافة واحدة من كل كلمة تاركًا الدرب بين العقل والكلمة مفروشًا بالردود فيما يخص تشرب كل كلمة صدرت من الذات ثم وضعت في إطار محدد من المعنى يجعل الجميع في مرحلة من المعرفة مع الكلمات والاستنتاجات والفهم وحتى التدوين فيما لو ربطت بالسلوك وترابطت مع الحياة في منظور من يقرأ سواء من باب التعلم من الماضي أو الفهم في الحاضر أو الاستعداد للمستقبل.