أحمد المغلوث
بعض الدول الغربية وغير الغربية تتصور أن تدخلها في شؤون الدول الأخرى هو أمر طبيعي، وأن ما يحدث فيها أمور تهمها بالدرجة الأولى وبالتالي فإنها تستمر في تصورها البائس أن من حقها أن تبدي رأيها أو حتى تتجاوز الأعراف السياسية وما اتفقت عليه مختلف دول العالم من لوائح وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، كونها تخضع لسيادة الدول. لكن بين فترة وأخرى نجد بعض هذه الدول لا تتردد أن تتدخل في أمور لا تخصها في هذه الدولة وتلك مستغلة كون هذه الدولة مثلاً ما زالت دولة فتية أو قدراتها محدودة ولا حول لها ولا قوة فتغض الطرف عن تدخل الدول في شؤونها المختلفة لشعورها بضعف إمكاناتها وقدراتها عن المواجهة مع الغير ولحاجتها لاستمرار واقعها الذي فرض عليها من قبل والذي جاء خلال عهود الاستعمار البغيضة. أما ما حدث مؤخرًا من قبل «النظام الكندي» تجاه المملكة الدولة التي بدأت -ولله الحمد- دولة قوية ذات سيادة عرفها العالم ومنذ عهد المؤسس -طيب الله ثراه- بتمتعها بمكانتها الدينية العظيمة والتي جعل الله بيته العتيق فيها ومنها انطلق الإسلام ليشرق نورًا على العالم كشمس مشرقة بالإسلام والسلام. وبالتالي كان لها نظامها القوي والحكيم في الوقت ذاته الذي لا يقبل أبدًا أن يخضع للتوصيات أو الأوامر أو حتى الاستفزاز. فما أقدم عليه «النظام الكندي» من استفزاز بتدخله السافر في أمور وطنية لا تعنيه ولا تخصه وليس له علاقة بها لا من قريب أو بعيد.. هذا الاستفزاز يعتبر تدخلاً سافرًا فيما لا يعنيه ولا يقبله لا المنطق الدبلوماسي ولا السياسي ولا حتى العادي.. فالمملكة ليست «مقاطعة» كنديه تخضع لأنظمتها وقوانينها وأجنداتها.. المملكة وبإجماع العالم باتت -ولله الحمد- ذات سيادة لا تقبل أبدًا من كائن من كان أن يمس هذه السيادة أو يحاول التدخل في «أمور داخلية» محضة. وعندما حاولت كندا ذلك كم كان رد الفعل في المملكة وحتى من داخل «كندا» نفسها، فلقد رفضت قيادات اقتصادية وأكاديمية ورجال أعمال وحتى كتاب رأي ما بدر من نظامهم الذي تسبب في وضع دولتهم في موقف لا تحسد عليه، خصوصًا أن رد الفعل القوي للمملكة إزاء هذا التدخل «الاستفزازي» كان له صداه الواسع والذي لم يتوقعه النظام فراح يطلب المساعدة من دول صديقة له من أجل إيجاد حل لما اتخذته المملكة من إجراءات جاءت كرد فعل لم يتوقعه النظام، حل يحفظ ما وجهه، وخوفًا من أن يفتح موقف المملكة الحازم مجالات أخرى قد تسبب في خسارة الاقتصاد الكندي، في وقت لم تخف جامعات ومستشفيات كندية قلقها من انسحاب الكفاءات السعودية التي تدرس وتعمل في الوقت ذاته فيها.. وقد يتسبب ذلك في حدوث ما لا يحمد عقباه في كندا التي باتت في السنوات الأخيرة من الدول المستفيدة من الاستثمارات السعودية المخنلفة أكانت مباشرة أم غير مباشرة.. ولا يختلف اثنان على أن هناك مصالح عديدة بين المملكة والنظام الكندي الذي بات يعيش قلقًا من أن تتسبب هذه الأزمة التي أحدثها النظام نفسه في التأثير على هذه المصالح ومختلف الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والثقافية والعلمية. وقد يتولد عن ذلك أزمات مختلفة لا يقوى على تحملها النظام نفسه. وقد تقوده إلى الدخول في متاهات واسعة لا نهاية لها. كل هذا وذاك قد يعصف بحكومة النظام في نهاية الطريق. والحل قبل وبعد وكما أشار إلى ذلك في مؤتمره الأخير وزير خارجية المملكة معالي الأستاذ عادل الجبير أن يعتذر النظام.. فهل يفعل.. هذا ما نأمله..؟!