رقية سليمان الهويريني
سارت عملية تمويل البنوك للأفراد بمنعطفات كثيرة ابتداءً من الصعوبة إلى السهولة مروراً باجتهادات غير موفقة حتى وصلت مدة الحصول على القرض لأقل من ساعة! وانهال العملاء على البنوك بغرض التمويل لدرجة الاعتياد والاستمراء حتى دون حاجة ملحّة سوى قضاء مستلزمات طارئة والرغبة في تسريع الحصول عليها وعدم الصبر والانتظار لجمع المبلغ المطلوب!
ونتيجة للمبالغة في طلب التمويل مدفوعاً بتحفيز البنوك حدثت مشاكل عديدة منها التعثّر بالتسديد لاسيما في حال الجمع بين أكثر من تمويل في وقت واحد، مما اضطر مؤسسة النقد لإيجاد وسيلة آمنة بغرض الحفاظ على سلامة قطاع التمويل وتحقيق العدالة في التعاملات من جهة، ومن جهة أخرى توفير حماية العملاء حين طلبهم التمويل الذي يقدّمه البنك.
والحق أن العتب يطول على مؤسسة النقد التي سمحت للبنوك بإيقاع عملائها فريسة للقروض، لدرجة أن بعض الموظفين منذ التحاقهم بالوظيفة وحتى تقاعدهم لم يتسلّموا رواتبهم كاملةً بسبب نهش القرض. وكان حرياً بها توعية الناس حول هدف التمويل، وتوجيههم نحو المهم والأهم في ظل إغراء البنوك لعملائها بالقروض الاستهلاكية، ففي كل صيف تنشر دعواتها لهم بالسفر وتكفلها به من خلال القروض الميسَّرة، والأمر يسري بالحصول على سيارة أو أثاث وأمور استهلاكية أخرى!
ولو كانت القروض محصورة بالسكن والأصول الثابتة لكان مقبولاً بدلاً من الأغراض الاستهلاكية التي تستنزف جيب المواطن وفكره واستقراره وبالتالي ورطته، ولكن تغاضي مؤسسة النقد عن توجيه الناس نحو فكرة الادخار وترشيد الاستهلاك جعلها تعمد لترويض القروض بحيث تتناسب مع الالتزامات الأسرية الأساسية ويُؤخذ بالاعتبار مصروفات السكن والتعليم وتكاليف النقل واستهلاك الكهرباء والماء والهاتف ورواتب العمالة المنزلية.
وسينصدم المقترضون الجدد بمبالغ التمويل الضئيلة بعد أن وصلت أوجاع القروض القديمة للعظم ووقعت فئات غير راشدة تحت وطأتها، ولكنها الصدمة التي ستوقظهم من غفلة الفوضى.
وتبقى المسؤولية الاجتماعية لمؤسسة النقد والبنوك معطَّلة ما لم يكن المواطن همها، واستقراره هدفها السامي!