ياسر صالح البهيجان
التعليم الإلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية ضرورة حتمية للقضاء على الأمية، ولمواجهة حالة التعنت القسري الذي يواجهه بعض الأطفال من الجنسين من قِبل أولياء أمورهم، إذ يتعمد بعضهم حرمانهم من التعليم إما لنظرتهم الراديكالية أو بسبب جهلهم وافتقادهم التعليم الأساسي أو ربما لأسباب أخرى نجهلها ما دامت وزارة التعليم لم تضع يدها على الجرح حتى الآن.
المؤسف أن نسبة الإناث الأميات تبلغ ضعفي نسبتها لدى الذكور، حيث بلغت 9 بالمائة بينما هي عند الذكور 3 بالمائة، وهذه الفجوة جديرة بأن تتصدر أولوية وزارة التعليم للبحث في أسبابها ووضع الحلول لمعالجتها ما دمنا نتطلع إلى مرحلة وقودها الطاقة البشرية النسائية والتي ستشارك أشقاءها الرجال في تحقيق الرؤية الطموحة والعمل معاً للبناء والتطور والتنمية.
التعليم ليس خيارًا يحق للآباء قبوله أو رفضه، وإنما هو حق من حقوق الأبناء كفلتها الدولة حماها الله التي تقدم التعليم مجاناً لمواطنيها، لذا لا بد من الحزم في هذه القضية، ومساءلة أولياء الأمور الذين يحبسون أبناءهم ويحرمونهم من أبسط حقوقهم الوطنية، ودون مبالاة بمصيرهم المستقبلي بعد أن جردوهم من القدرة على منافسة أقرانهم، والارتقاء بمهاراتهم ومعارفهم إلى المستوى الذي ينسجم مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.
وجود نسبة بحجم 9 بالمائة من الأمية لدى الإناث يكشف عن هدر حقيقي للطاقة البشرية لدينا، ويعني تعطيل شريحة واسعة من المساهمة في نهضة المجتمع، إذ إن الفرد بلا تعليم وتأهيل لن يتمكّن من الحصول على فرص وظيفية في ظل تزايد اشتراطات الجهات الموظفة وعلى رأسها اشتراط المؤهل الدراسي، أي أننا أمام معضلة معرفية واجتماعية، فضلاً عن الأثر النفسي الذي تخلفه الأمية على صاحبها، ولن نحصد سوى فئة عاجزة عن تطوير ذاتها، وستنضم لا محالة إلى صفوف البطالة، ما قد يعمق الأزمة ويزيد الطين بلة.
هل من صحوة حقيقية في هذا الاتجاه يا وزارة التعليم؟ إنها مسؤولية جسيمة تتطلب العمل الجاد على إيجاد انفراجة واضحة في هذه القضية الشائكة، وتحديداً في هذه المرحلة التي نتطلع فيها إلى منافسة كبرى الدول العالمية على الأصعدة كافة، نريد أجيالاً متسلحة بالعلم والمعرفة، نريد أبناء طموحين يمتلكون التأهيل والمهارة، وتذكروا بأن تعليمهم أمانة في رقابكم.