آلاف من القصص والروايات يمكنها أن تحكي عن التغير الجماعي ورحلات المساعدات الكشفية التي يقوم بها مشروع رسل السلام؛ إذ سمعنا عشرات القصص والروايات التي واكبت زيارات رئيس اللجنة الكشفية العالمية ريغ توربي، والأمين العام للمنظمة الكشفية العالمية أحمد الهنداوي، ونائب رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية الدكتور عبدالله بن سليمان الفهد، والوفود التي كانت معهم من المتطوعين والكشفيين والإعلاميين الذين رافقوهم في رحلاتهم الخاصة بمتابعة أعمال المشروع. وكان ما نقلوه وكتبوه توثيقًا للمشروع بلغة الفخر به والاعتزاز بأدواره التي حققها.
المشروع قدم المساعدات لكثير من المجتمعات التي تعمل الكشافة فيها من خلال ذلك المشروع، ومن أهمها الإعصار الذي اجتاح هاييتي، وزلزال المكسيك، ومساعدة الأسر في إندونيسيا وجنوب إفريقيا والفلبين، ومساعدة الأطفال في الأدغال الأسترالية وفي الإكوادور، ومساعدة اللاجئين السوريين على الحدود اللبنانية، والنجاح في إيجاد تقارب بين قبيلتَي التوتسي والهوتو في رواندا التي شهدت حربًا ضروسًا بينهما.
المشروع له من العمر سبعة أعوام، وتجاوز الحدود والقارات باهتمامه بالإنسان دون النظر إلى جنسه أو لونه أو ديانته؛ فقد عقد شراكات شبكية مؤسسية بين المنظمات الكشفية في مختلف دول العالم المنتمية لحضارات وديانات وأعراق متعددة، وقام بتعميق مفهوم السلام والتآخي، وخدمة ملايين الحجاج سنويًّا عبر «رسل السلام» المنتمين للكشافة السعودية، كما أسهم بصور أخرى في تدريب الشباب والشابات في مجالات التطوع والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وتوقيع مذكرات التفاهم مع المنظمات والمؤسسات.
الصدى الدولي الواسع لكلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - الشهيرة التي وجهها لجموع الكشافة قادة وأفرادًا جعل الجميع يفخر بها لفرادتها ونبل مقصدها، وكان حاضرًا ومستمعًا لها في مدينة الرياض ملك السويد كارل غوستاف السادس عشر الرئيس الفخري لمؤسسة الكشافة العالمية الذي دعم هذه المبادرة بكثير من الحماس والإصرار على التطبيق مشاركة منه بإيمان الملك الراحل نفسه بدور الكشافة الفاعل في تعزيز الأمن والسلام في مختلف دول العالم حيثما كانوا. وقد تبنت مؤسسة الكشافة العالمية هذه المبادرة، وتم تسميتها برنامج «رسل السلام» بشكل رسمي.
المشروع هو نافذة للعالم عبر الكشافة، يعمل في أكثر من 150 دولة حول العالم، وهو من أهم المشروعات العالمية التي تهتم بالسلام والحوار والصحة والبيئة وحل الصراعات بين المجتمعات وداخلها.. ويهدف إلى أن يصبح ثلثا كشافة العالم البالغ عددهم أكثر من 40 مليون كشاف «رسلاً للسلام»، فاعلين، وبمقدورهم تغيير العالم إلى ما هو أفضل، من خلال تقديم رسائل السلام إلى 200 مليون إنسان على الأقل في العالم. وهو أفضل مشروع شهد الاستمرارية والانتشار الواسع في كثير من دول العالم منذ تأسست الكشافة عام 1907 على يد مؤسسها اللورد بادن باول.
وإلى حين كتابة هذا المقال فقد أشارت نشرات الأخبار الرئيسية إلى أن كشافة العالم يوم الأربعاء 13 شوال 1439هـ كسروا حاجز المليار ساعة عمل في المشروع الكشفي العالمي «رسل السلام» قبل نهاية العام 2021 الذي كان متوقعًا الوصول لذلك الرقم فيه. وقد قُدمت خلال تلك الساعات أكثر من 6 ملايين مبادرة حول العالم.
وفي آخر إحصائية فقد بلغ عدد المشاريع القائمة نحو 108 مشاريع موزعة حسب الآتي: (11 مشروعًا في إفريقيا، 17 في الدول العربية، 49 في دول آسيا والمحيط الهادئ، 19 في أوروبا، 12 في وسط أمريكا).
مَن تابع مسيرة مشروع «رسل السلام» سيدرك حجم الجهد الذي بذلته جمعية الكشافة العربية السعودية ومختلف قطاعاتها في تفعيل مجالاته حتى وصل المشروع إلى ما وصل إليه الآن من مرحلة متقدمة بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم تناغم مؤسسات وهيئات الوطن مثل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ومؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للأعمال الإنسانية، ومؤسسة الوليد للإنسانية.
الإعلام الكشفي هو ذلك الإعلام الذي لا يغفل الإشارة لهذا المشروع العالمي الذي انطلق من المملكة في سبتمبر 2011م لمساعدة الإنسان في كل مكان. وأنا أقترح إقامة احتفالية كبرى في ختام المشروع، تكون في المملكة؛ لما لها من أثر ورسالة إعلامية. ولا بد أن نفتخر بأن مشروع «رسل السلام» كرّس نفسه ورسالته في الاتجاه الذي يتماشى مع اهتمام قيادة هذا الوطن.