د. خيرية السقاف
اليوم الأول في شهر الشهر الأخير من السنة الهجرية
الشهر الذي وسم بخامس ركن من أركان الإسلام «الحج»
والحج موسم «الرموز» المتكلمة بشعاعها!!..
موسم الوفادة الروحية لموئل إفاضتها..
موسم إعمال العقل للتفكر في علاقتها بالجسد البشري النازلة فيه هذه الروح,
هذا الجسد البشري المتحرّك فيه عقله, العاملة فيه مشاعره بجوارحه, المنظّمة فيه حركة مكوناته من الشريان للعرق لقطرة الدم, للنَّفَس, للعظم, للجلد, للشعر, الناطق فيه بصره, وسمعه..
هذا الجسد حامل العقل المتفكِّر فيه يحضر حيث مكان الرموز ماثلة,
يأتي إليها بقدمين من أقصى الأرض لحيث عصبتها فيلمس دلالاتها:
كعبة شامخة بمئزرها يطوَّف بها سبعا,
ومسعى ممتد يقطعه ذهاباً, وإياباً لسبعة أُخَر,
من فوقه سماوات سبع أيضاً حيث الرب العظيم يرى امتثاله, ويعلم ما يدور فيه,
منى, وعرفات, وجبل الرحمة, ومزدلفة والتقاط الحصوات, ومحبس الشيطان,
ورمي الجمرات,
ومخيلة مكتظة بكل هذه الرموز الناطقة بصمتها, بصوتها الممتد من ملمس الحقيقة فيها, لمكن اليقين عنها فكراً, ووجداناً, بكل ما تحمله إشاراتها, لمقاصد رسالتها, فإيماناً بمآلات نتائج دلالاتها..
حيث تلتقي بها الروح في الجسد الآتي إليها بكل مكنونه فتقترب من الرب, وتخضع لعظمة ما منحها من أدلة, وأبقى لها من روابط توثق فيها إيمانها, وتطوعها بالامتثال حين حضورها التام في مواطن المحك, بصقل العميق, وتمكين اليقين..
فمكة في الحج موطن اليقين بدلالات الرموز فيها, وساحة الصعود الروحي!!..