ياسر صالح البهيجان
شاهدتُ مثل كثيرين غيري التصوّر الذي وضعته وزارة الحج لمستقبل أداء المناسك العظيمة في مسجد الله الحرام عام 2030. والحق أنه أمر يبعث على الاطمئنان، ويؤكد أن المملكة لديها رؤية طموحة ليست ذات مكاسب داخليّة فحسب، وإنما تحمل أيضًا مستقبلاً واعدًا لعموم المسلمين، وتبرهن على أن ازدهار السعوديّة يُعدُّ ازدهارًا للعالمين العربي والإسلامي، ونماءً كذلك للدول الصديقة لها في المنطقة والعالم.
المملكة تُدرك ما تفعل من خدمات لقاصدي الحرمين الشريفين، وتحديدًا حجاج بيت الله الحرام، ولديها إيمان بأن المسؤوليّة ليست بالهيّنة، وأن الحجاج لهم حقّ الرعاية وتوفير سبل السلامة والراحة منذ قدومهم إلى الأراضي السعودية وحتى مغادرتها، لذا تعمل الحكومة على التخطيط والاستعداد والتجهيز منذ الدقيقة الأولى التي ينتهي فيها الحج تحضيرًا واستعدادًا للحج المقبل.
ويخطئ من يظن بأن جهود المملكة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما تأتي من أجل سماع مديح أو ثناء من أحد، لذا فمن يعتقد كذلك بأن حملات التشويه والشيطنة قد تؤثر في المسلك السعودي وموقفه المشرّف تجاه أطهر البقاع هو مخطئ أيضًا، إنها مسألة قيم راسخة ومبادئ ثابتة لا تتغير، وهي مرتبطة بتأسيس الدولة السعودية، منذ مرحلتها الأولى ومرورًا بالثانية وحتى الثالثة التي أرسى دعائمها المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله-، لذا فإن خدمة الحرمين وزوارهما ليست خاضعة لأي مساومات أو تبدّل مصالح، ولا يمكن أن تستعملها المملكة كورقة ضغط في أي معترك سياسي؛ لأنها أسمى من الانزلاق نحو أتون المستنقعات غير الأخلاقية التي تحاول بعض الدول المارقة استدراجها إلى هناك.
حاول العثمانيون قبل قرنين من الزمان استغلال مناسك الحج للإساءة إلى حكم الإمام سعود بن عبدالعزيز إبّان تولي الدولة السعوديّة إدارة موسم حج عام 1807م، ولفّقت التهم وسعت لإثارة نوع من الفوضى لكنها فشلت، وحاول الهالك الخميني زعزعة أمن الحج لأعوام متتالية منذ 1981م، وتلك المخططات وصاحبها ذهبت أدراج الرياح وبقيت المملكة ثابتة وقويّة ومؤثرة، لذا فإن السعوديين حكومة وشعبًا يدركون نهاية كل من أراد توظيف المشاعر المقدسة للنيل من وطنهم. والحقّ أنه ليس السعوديون فقط من يدركون ذلك، حتى الشعوب العربية والإسلاميّة تؤمن بأن المملكة منصورة بإذن الله وبفضل رعايتها للمقدسات ومواقفها النبيلة تجاه المجتمعات الإنسانية باختلاف معتقداتهم وثقافاتهم وأعراقهم.