سلمان بن أحمد العيد
في مقال سابق لي بعنوان: (تأثير السعودية على القرارات الدولية (إلغاء الاتفاق النووي الإيراني أنموذجاً)، تحدثتُ كثيراً عن حزم المملكة في علاقاتها الخارجية، وعدم قبولها الإساءة أو التدخل في شؤونها من أي أحد مهما كانت العلاقة بينها وبينه، وقد صدرت منذ تولي ملك الحزم -حفظه الله- كثيرٌ من المواقف الحازمة ضد بعض الدول التي حاولت الإساءة للمملكة.
وحينها كنت أعتقد أن الدول الأصدقاء والأعداء على حد سواء استوعبوا هذه الدروس.
في حين الظاهر أن (كندا) لم تستوعب الدرس فبدأت تتطفّل على الشأن الداخلي للمملكة العربية السعودية، وهذا الأمر خط أحمر منذ أن تولى شؤون هذه البلاد المباركة مؤسسها المغفور له -بإذن الله- الملك عبد العزيز، وسار على هذه السياسة أبناؤه الملوك من بعده.
لكن نظراً للظروف الإقليمية والدولية منذ بداية القرن العشرين كانت تقابل المملكة كثيراً من الإساءات لها بالصبر حيناً، وبالعفو حيناً آخر، أما وقد تغيّرت الظروف الدولية وانقلبت السياسة رأساً على عقب، ونزعت بعض الدول القناع الذي كانت تستخدمه في التدخل في شؤون الآخرين، مثل ما يسمونه (منظمات حقوق الإنسان) التي لا ترى حقاً إلا لعملائها في المنطقة، أما قتل الأبرياء في مختلف مناطق العالم فلا ترى هذه المنظمات فيه بأساً، لكن حين يتم إيقاف أحدٍ ممن دربتهم وأهلتهم لإثارة الفتن، وخلق المشاكل، ونشر الفوضى الفكرية حين يتم إيقافه من قبل الجهات المختصة تتذكّر فجأة الإنسانية وتقيم الدنيا ولا تقعدها رغم أن هؤلاء مع خطئهم في حق أنفسهم، ووطنهم ودولتهم يجدون من الحقوق ما لا يجدونه غيرهم من الأبرياء في بعض الدول التي ترفع عقيرتها للتنديد.
إن الموقف الكندي هو التطّفل بعينه بالتعبير العربي الفصيح وجد من حزم ملك الحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الحزم والعزم الذي اعتمدته المملكة في سياستها الخارجية.
فطرد السفير الكندي من الرياض، واستدعاء سفير خادم الحرمين الشريفين من كندا، وتجميد العلاقات التجارية والاستثمارات، لهو حزم في محله، وقد أسعدت هذه المواقف المواطنين السعوديين، بل وأشقاءهم من الخليجيين - فيما عدا من يغرِّد خارج السرب -، بل إن تعليقات إخواننا العرب في مختلف الدول كانت إشادة بدور المملكة التي آلت إليها قيادة العالم العربي.
إنني كمواطن اعتز بهذه الخطوة؛ فالتسامح بالتطفّل في سياستنا الداخلية خطٌ أحمر، وهذه المواقف الحازمة لتكن درساً لكندا وغيرها ممن يفكر يوماً ما أن يتطفّل، فسر على بركة الله يا خادم الحرمين الشريفين -حفظكم الله- وكلنا جنودٌ مخلصون في حماية الوطن.