م. خالد إبراهيم الحجي
أن مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم، وأكثرها حيوية على الإطلاق بالنسبة لدول الخليج العربي؛ لأنه يصل بين مياه الخليج العربي من جهة وبين مياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وتطل عليه إيران من جهة الشرق، وسلطنة عمان والإمارات من جهة الغرب. وعرضه في أضيق منطقة (30) كم، وفي أوسع منطقة (50) كم، وعمقه (60) متراً فقط، وتعبره (20- 30) ناقلة نفط يومياً بمعدل ناقلة كل ساعة تقريباً، محملة بنحو (40) في المائة من النفط والغاز الخليجي السائل المنقول بحراً على مستوى العالم من موانئ دول الخليج العربي التي تمتلك مجتمعة ثلثي احتياطي العالم من النفط والغاز بما فيها السعودية أكبر مصدر للنفط التي تمتلك منفردة ربع احتياطي العالم منه.
ومن خلال قراءة الواقع الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وتحليله يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن سياسة إيران تخلق مناخ التوتر بشأن مضيق هرمز في المنطقة؛ فتارة تمارس أشكال التحرش والاستفزاز في المياه الدولية للخليج العربي حيث توجد القوة البحرية الأمريكية الضاربة مع حرصها الشديد على عدم الوصول إلى حد المواجهة أو الصدام المسلح. وتارة أخرى تلجأ إلى المناوشات الكلامية، والتراشقات الإعلامية، والتهديدات المتغطرسة التي تصل إلى التلويح والتهديد بإغلاقه عندما تعتقد أن العالم يصغي لها لتحقيق مكاسب سياسية. والسياسة الإيرانية الراهنة تدل دلالة واضحة على عدم تعهدها أو التزامها ببقاء مضيق هرمز مفتوحاً لحرية الملاحة البحرية وسلامتها، ويمكن أن ترتكب كثيراً من الحماقات التي قد تصل إلى حد إغلاقه بالقوة العسكرية للإضرار بالمصالح الدولية المشتركة، وإذا وصل الأمر إلى هذا الحد ستكون النتائج كارثية؛ لأن إغلاق مضيق هرمز سيؤدي إلى حرمان العالم من ثلثي احتياجاته من النفط، وسيترتب عليه تداعيات اقتصادية تفوق تبعاتها أضرار انهيار السوق المالي الأمريكي عام 2008م عندما أفلس بنك ليمان برذرز.
ودول الخليج العربي ذات سيادة مستقلة وقادرة على حماية منابع النفط والغاز المنتشرة على سواحلها حماية محكمة بدوريات الطيران المستمرة على مدار الساعة، علاوة على استخدامها شبكات متطورة جداً للإنذار المبكر المتصلة بشبكات أسلحة الدفاع الجوي القادرة على صد الصواريخ البالستية الإيرانية بمجرد دخولها المجال الجوي الخليجي الإقليمي.
ومن المبادئ الأساسية الثابتة للمملكة العربية السعودية عدم البدء بالاعتداء على الغير، وعدم استغلال النفط كسلعة ضغط تحقق منها مكاسب سياسية أو عسكرية على حساب الغير؛ لأنها توظف النفط لتحقيق أهداف التنمية الوطنية فقط، وللمحافظة على استقرار أسعار النفط العالمية، وتوفير الاحتياج العالمي منه. كما أن المملكة أيضاً لا تنتهز الاضطرابات الإقليمية أو الأزمات الدولية لتحقيق مصالح سياسية أو مكاسب عسكرية، ولكن حماية حرية الملاحة الدولية وسلامة سيرها وعبورها في مضيق هرمز مسؤولية دولية مشتركة، خاصة مع الدول الغربية التي لها مصالح مشتركة ترتبط بالنفط والغاز مع دول الخليج العربي.. ودول العالم الغربي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك قدرات استخباراتية فائقة، ووسائل إنذار مبكر، وقوات عسكرية ضاربة في الخليج العربي، جميعها مستفيدة من منظومة المصالح المشتركة، ويجب عليها مجتمعة تقدير وضع إيران الراهن في المنطقة تقديراً صحيحاً، وعدم التقليل من شأنه أو التهاون فيه، وأن تشارك المملكة ودول الخليج العربي المسؤولية في حماية المصالح المشتركة على أرض الواقع، وأن تضع في الحسبان التوقيت المناسب، والتحرك السريع، وأن تستعد للرد الرادع لمواجهة التهديدات الإيرانية المحتملة التي يقع في مقدمتها وعلى رأسها حماية الملاحة الدولية في مضيق هرمز من الخطر الإيراني الداهم.
الخلاصة
إذا لم تكف إيران عن تهديداتها المستمرة بإغلاق مضيق هرمز فإن أعضاء منظومة المصالح الدولية المشتركة في الخليج العربي سيضعون نهاية حاسمة لها.