أ.د.عثمان بن صالح العامر
سيادتنا.. خط أحمر
جاء البيان الصادر من وزارة الخارجية يوم الأحد الماضي 23/ ذو القعدة/ 1439هـ وما تبعه من إجراءات وقرارات حازمة حاسمة في وقت قصير - رداً على ما صدر عن وزيرة الخارجية الكندية والسفارة الكندية في المملكة بشأن ما أسمتهم الحكومة الكندية (نشطاء المجتمع المدني )- ضربة موجعة للكنديين، ورسالة واضحة وصريحة - من لدن مقام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - للسياسيين والمنظرين والمفكرين في العالم أجمع، فالسيادة التي تتمتع بها المملكة داخل حدودها السياسية، وإزاء مواطنيها أياً كان موقعهم على الخارطة العالمية، وفِي علاقاتها الخارجية مع الدول والهيئات والأشخاص، سيادة مطلقة تحكمها المرجعية الدينية والمصلحة المعتبرة شرعاً ولا تقبل الوصاية عليها من قبل الآخرين، كائناً من كان هذا الدعي الذي يريد أن يتدخل في شئون المملكة الداخلية وسياساتها الخارجية، ويوجه ويتحكم فيما تتخذه السعودية من قرارات ومواقف سواء إزاء دول أو هيئات أو أشخاص، هذا على افتراض أن التدخل كان له ما يبرره ولو ظاهرياً فكيف وهذا التدخل السافر من قبل كندا ليس له مبرر منطقي لا من قريب ولا من بعيد، ومبني على كذب وتدليس ومجافاة للحقيقة مما يعد خرقاً وانتهاكا صريحاً لأبسط القوانين والأعراف الدولية.
إن المملكة قالت ما لم يقل من قبل من أن السيادة التي تملأ صفحات الدساتير ويدندن حولها السياسيون والمثقفون والكتاب ليست لدول دون أخرى، بل هي حق مكتسب لجميع الحكومات على قدم المساواة كما هو نص ميثاق الأمم المتحدة، وجزماً سيكون لهذا الموقف الذي اتخذه ملك العزم والحزم تداعياته الدولية التي ستجعل العالم يعيد قراءته لأبجديات أدبيات السياسة التي تنص صراحة على أن السيادة أو ما يعرف (بالاستقلال السياسي ) - الركن الثاني من أركان الدولة - يعني (منح الحكومات السلطة العليا المطلقة التي تتفرد بها وحدها دون غيرها لتنشئ الخطاب الملزم المتعلق بالحكم على الأشياء والأفعال)، ومن ثم يتخلى ساسة الدول التي تنعت بالعظمى أو دول العالم الأول عن نظرتهم العوراء لهذه المفاهيم الفضفاضة، كمصطلح حقوق الإنسان الذي أصبح المطية العرجاء لخرق سياج الحماية والحصانة الدستورية عالمياً للحكومات، وتكف كندا ومن على شاكلتها عن سلبها سيادة بقية دول العالم الأخرى على أراضيها وإزاء سلوك مواطنيها.
إن من مواطن الفخر والاعتزاز للمواطن السعودي أن يستشعر العزة، ويستلهم القوة، ويعي حجم بلاده الحقيقي في مثل هذه الحادثة وغيرها، فموقف واحد وخلال ساعات من بعد إعلانه الرسمي هز اقتصاد دولة ذات شأن ككندا، الأمر الذي جعل العالم كله ينصرف لتحليل وتشخيص الآثار المترتبة على هذا القرار السعودي المنصف الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال نقده أو نقضه لقيامه على أسس قانونية صحيحة وأعراف دولية صريحة فسيادتنا خط أحمر لا يمكن أن نقبل الاقتراب منه فكيف بتخطيه، حفظ الله قيادتنا وأعلى كلمتنا، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.