د.عبدالعزيز الجار الله
يتعامل الغرب مع العالم العربي بالوصاية لمستعمر أوروبي سابق كان قد قسم (التركة) العثمانية بعد هزيمة الدولة العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين بعد الحرب العالمية الأولى، حيث قسمت أراضي الوطن العربي كقطع (كيك) وحلوى وكعك بين المستعمر الأوروبي وبخاصة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإعطاء فلسطين هدية لليهود، أنتهى رسمياً زمن الاستعمار مع نهاية الحرب العالمية الثانية 1945م وماتلاها من تحرر الدول العربية كان آخرها في السبعينات، بعد هذا التحرر مازالت بعض الدول الأوروبية تعتقد أنها تملك الوصاية على الوطن العربي، لذا نجدهم يتدخلون في شئون الوطن العربي تدخلاً سافراً على إجراءات نظامية وسيادية، كما هو الحل مع كندا التي تحدثت بلغة المستعمر القوي عندما ترد عبارة: (الإفراج فوراً).
العالم تغير بكل أبعاده، والغرب تغير هو الآخر ماعدا سياساته وبعض الإدعاءات وأحلامه القديمة، فالغرب الذي كان يتحدث عن حقوق الإنسان بكل نزاهة ومصداقية كما يقول نراه ينكشف ويتعرى تماماً وهذا لا يبرر الاحترازات غير الواقعية، لكنه بالمقابل من حق الدول أن تحمي أوطانها وشعوبها وممتلكاتها ومكتسباتها وتدافع عن نفسها عبر إجراءات وأنظمة أمنية، أيضاً دول الغرب انكشفت في ممارستها مع حداث عدة وضعت حقوق الإنسان على المحك:
هجرات اللجؤ التي ولدتها ثورات الربيع العربي 2010م والتهجير القصري من سورية والعراق، حيث وقفت أوروبا عارضاً في البحر الأبيض المتوسط في وجه شعوب هاربة من جحيم الحرب في سورية والعراق.
هجرات وسط إفريقيا التي كسرت حاجز دول الشمال الإفريقي هرباً من الجوع والاضطهاد في دول غاصت بالحروب والبطالة، جعلتهم دول أوروبا والحلف الأطلسي عرضة لأمواج البحر والموت الرخيص على شطآن البحر بأجساد باردة ممتدة على سواحل المتوسط.
هجرات دول آسيا الوسطى عبر القوقاز إلى جنوب وشرقي أوروبا حيث حاصرتهم الشرطة والقوات في الغابات والمناطق المهجورة وجعلتهم يسيرون على الأقدام حفاة، يتهددهم الجوع والمرض.
هذه حقيقة الغرب الذي يتهجمنا بمناسبة وبدون مناسبة وكأنه الوصي علينا، ويغفل عن ممارساته التعسفية والظلم، ووضع سجل حقوق الإنسان الذي يكسر هو قواعده يضعه كالسيف المسلط على رقاب العرب بقرار تاريخ مستعمر الأمس.