د.فوزية أبو خالد
أقرَّت الأمم المتحدة عام 1999م، أي قبل ما يقترب من عشرين عامًا، يومًا عالميًّا للشباب، حددته - من حسن حظ أحلامي بشباب دائم - بشهر أوجست من كل عام بما يصادف شهر ميلادي. وقد أرادت الأمم المتحدة بهذا اليوم أن تمثل إرادة المجتمعات والدول بضرورة التذكير بما للشباب وما عليهم تجاه أوطانهم، بل تجاه القضايا العالمية في شراكات جيلية فعّالة، وطيدة، تجمع بين المحاولات التجريبية المجددة والخبرات المكتسبة والمجربة.. بين طلائع العمران البشري ومؤسسيه.
وبما أن عدد شباب العالم اليوم في مختلف المواقع الجغرافية من الكرة الأرضية يقترب من المليارين؛ إذ يقدر بـ1.8، إلا أن الكثير منهم يتعرضون لمختلف المواجهات التي قد تتراوح من مواجهة الصراعات المسلحة على أراضيهم أو أراضي غيرهم، إلى صراعات لقمة العيش، وصراعات الفكر والسياسة، والصراعات الجيلية، وسواها من تلك المواقف التي تتراوح من أزمة الحصول على مقعد في الجامعة إلى أزمة التهميش المتبادل بين الأجيال؛ فقد أصبح القرار بهذا اليوم بمنزلة الناقوس للتوقف عند الشباب كقضية لقياسها بمقياس أممي، من أولى أبجدياته أن يضمن لهم الحياة الإنسانية الكريمة قانونيًّا، ويمكنهم من المشاركة المجتمعية سياسيًّا ومدنيًّا.
وفي هذا السياق من حق الشباب أن نحتفي به، وأن نفسح مكانًا شاسعًا لأحلامه على مد الوطن، وأن يأخذ مكانه الطليعي في حمل مسؤولية الراية خفاقة بشموخ وطموح البلاد.. وفي المقابل من واجب الشباب أن يكلل أملنا به بالشراكة معه في إكمال مشاويرنا التي مشاها الكثير منا على طرق لم تكن معبَّدة إلا بعرق العمل، ولم تكن مضاءة إلا بشموع الدعاء، ولم تكن آهلة إلا بأطيافهم أطفالاً، نرضعهم هوى هذه الأرض وعشقها الحلال.
فعلى الرغم من تلك الحقيقة الاجتماعية الأزلية، واشتعالاتها العصرية التي تؤكد أن لكل جيل نصيبه الخاص من أشواق البناء، ومن أحلام العمران التي تختلف باختلاف المرحلة التاريخية، والواقع الاجتماعي، والحالة الاقتصادية، والتيارات الفكرية، والموجات الثقافية، ومساحة جدل الأجيال بين السائد السياسي والبدائل المختلفة ووجهات النظر القائمة والنقدية.. إلا أن واقع المجتمعات التاريخي والراهن يؤكد بالدرجة نفسها أن هناك مشتركات عريضة بين الأجيال في حب الوطن، بل إن هناك مسيرات لا يمكن أن تكتمل إلا بتكاتف الأجيال، وذلك بتقدير الأجيال الأولى لحماس الأجيال التالية التجديدي، وإعطائها الفرصة للتجريب، ولتتعلم من محاولات (الصح والخطأ) معًا، وليس عبر المواعظ وكبح الجماح وتقييد الحريات.. في الوقت نفسه دون قبول حتى تلك المحاولات الخجولة، فضلاً عن المحاولات المتطاولة التي تتجرأ عليها بعض الأجيال اللاحقة في العمل على كف يد الأجيال الأولى مزاحمتها، أو إبعادها عن مجرى الحياة العامة وعن مجرى المشاركة بالخبرة وبالرأي وبالعمل يدًا بيد.
لقد جاء يوم الشباب العالمي حافلاً بعدد من الاهتمامات المتعلقة بالتحديات اليومية التي يواجهها الشباب دوليًّا. ومن هذه الاهتمامات:
- العمل التشريعي لتعديل السياسات الخاصة بالشباب بما ينقلهم من مواقع التواكل أو التهميش لمواقع المشاركة في صناعة القرار.
- تنمية نوع من اللحمة العملية، وتجسير الفجوة المتنامية بين العالمين اللذين يعيش بينهما الشباب في هذا العصر الشبكي دوليًّا، بما يشبه حالة الانفصام بين العالم الافتراضي والواقع الميداني المعاش.
- تفعيل النشاط الشبابي في مجالَيْن حيويَّيْن من مجالات الحياة، هما على وجه التحديد المجال السياسي والمجال الرياضي. فالمجال الأول يجنبهم العمل العلني فيه مغبة الانضواء في خيمة عمل سياسي تحت الأرض لا سمح الله. أما المجال الثاني فإنه هو المجال الأجدى والأمضى لمحاربة الوقوع في أسار المخدرات وسواها من انحرافات الجسد والنفس والروح.