فوزية الجار الله
لم أكن من المبادرين مبكراً باستخدام «الفيس بوك» حيث بدأت الشركة نشاطها في فبراير 2004م، لكنني لم أبدأ باعتماد صفحة لي هناك إلا بعد ذلك بسبع سنوات تقريباً. تتفاوت المسميات للصفحة الخاصة بكل مستخدم، تلك الصفحة التي يضع عليها منشوراته، البعض يسميها صفحة والبعض الآخر جداراً أو لوحة (تبدو مشابهة للسبورة المدرسية).. أيضاً تتفاوت ترجمة المصطلحات المعتمدة على الفيس بوك نظراً لاختلاف اللغة، إضافة إلى عدم معرفتنا الدقيقة بهدف إدارة الفيس بوك من مصطلحات معينة وماذا يعني استخدامها إضافة إلى اختلاف عادات وتقاليد المجتمعات العربية عن الغربية..
المتعارف عليه أن أحدهم يرسل إليك طلب صداقة عن بعد ثم تقبله ويصبح ضمن مجموعة الأصدقاء.. وقد يرسل إليك أحدهم «نكزة» فتفهم جيداً بأنها تعبر عن تحية عن بُعد فيما إذا كان ذلك شخص تعرفه، أما إذا كان غريباً فهذا مايبعث الحيرة في نفسك!.. هل ترد له النكزة بأخرى أم أن هذا يبدو سلوكاً غير لائق خاصة إذا كان صاحب النكزة من جنس آخر مختلف.
استمرت «النكزة» فترة من الوقت ولازالت، لكن ظهرت مؤخراَ إشارة أخرى يتم إرسالها غالباً على البريد الخاص للفيس بوك.. «فلان يلوّح لك» هكذا بدت لي ترجمة «وايفنغ» - كما تنطق لفظياً - في هذا السياق.. حالما رأيتها تذكرت أغنية تراثية قديمة بعنوان «أشّر لي بالمنديل» وهي أغنية راقصة قام بترديدها كثير من قدماء الفنانين على رأسهم السعودية «توحة» هذه الأغنية شاع استخدامها عند إحياء حفلات الزفاف، يتم ترديدها على إيقاع الدفوف وتتمايل عليها النساء رقصاً وطرباً.. هذا المنديل يذكرنا بمنديل أم كلثوم الشهير التي كانت تحرص على حمله في يدها عند ترديد أغنياتها.. أتذكر أنني شاهدت في طفولتي أغنية للمغني السوداني الراحل «سيد خليفة» رحمه الله حول المنديل، مطلعها يقول مامعناه بأن شخصاً عزيزاً أرسل إليه بهدية لطيفة عبارة عن منديل حرير مطرز بالقطيفة، وهذا يعني كما يقول أنني لازلت في البال، أيها الملاك الجميل، ويقصد حبيبته التي تفصله عنها المسافات، في نهاية الأغنية يقول: (لما أسافر يوادع ويشاور بالمنديل/ لما أعاتبو يداري دموعه بالمنديل/ لما أغازلو يداري الفرحة.. بالمنديل..) يومها أتذكر أني لم أفهم سوى الكلمات الأخيرة بسبب حداثة سني، حيث كنت طفلة صغيرة إضافة إلى أن الأغنية كانت باللهجة السودانية.. يومئذٍ ضحكت كثيراً بسبب هذه الأغنية التي تأتي تحت عنوان «استعمالات المنديل»!
في عصرنا الحاضر انقرضت تلك الإشارة «التلويح بالمنديل» لأن استخدام المنديل ذاته لم يعد شائعاً بل أصبح من ذكريات الأزمنة الغابرة، وعليه فمن المستحيل أن تجده متضمناً في هذا الزمن في الشعر سواء كان فصيحاً موزوناً أو غنائياً.