إبراهيم عبدالله العمار
لو جلس أمامك طفلان، وسألتهما الأسئلة نفسها، فكيف تتوقع نسبة التطابق؟ إذا كانا أخوَيْن فربما تجد الكثير من التشابه بين الإجابات. ماذا لو كان كل منهما من دولة مختلفة؟ تزداد نسبة الاختلاف بلا شك؛ لأن عقول الأطفال بل الكبار تتأثر بثقافاتها. ولا أدل من هذا على ما نراه من فروق بين الحضارات المختلفة. وخذ مثالاً على ذلك بالفروق الشاسعة العميقة في طريقة التفكير بين الغربيين والآسيويين.
الآسيويون ينتبهون لتصرفات وسلوكيات الناس أكثر من الغربيين، ولهذا تجارب كثيرة، أظهرت صحتها، منها تجربة لعلماء بيَّنت أن الطلاب في جامعة بكين أكثر وعيًا بسلوك وتصرفات زملائهم من طلاب جامعة ميشيغان. اختلافات شائعة في نظر الاثنين للعالم: الغربي يرى الحياة رواية هو بطلها، بينما الآسيوي يرى أنه مجرد شخصية من الشخصيات في فيلم لا يتطرق لحياتهم إلا طفيفًا. ولاحظ أن هذه تبدأ من الطفولة. وعودة لموضوع المقدمة، فإن تجربة قارنت بين أطفال الصين وأمريكا وجدت أن الطفل الأمريكي أكثر كلامًا بكثير عن نفسه من نظيره الصيني. الطفل الصيني تكلم عن أشياء كثيرة، ذكر نبذة بسيطة عن كل منها، بينما الأمريكي ركز على أشياء قليلة تهمه فقط، وأسهب في الحديث عنها. وأخيرًا في الفروق بين الطفل الأمريكي والصيني أن الأول أكثر حديثًا عن مشاعره وتفضيلاته، بينما لم يرَ الطفل الصيني أن هذا شيء يستحق أن يسلط عليه الضوء.
بل حتى في استذكارهم المواقف يختلف الاثنان. عندما طُلب من غربيين وآسيويين استذكار مواقف كانوا هم مركز الانتباه فيها (مثلاً موقف محرج ونظر الناس لك)، ورأوا من وصفهم لتلك المواقف أن الغربي يرويها من نظرته هو، من الداخل ينظر للخارج، بينما الآسيوي رواها وكأنها أحد المشاهدين، نظرة خارجية.