«الجزيرة» - المحليات:
فجع الوسط الصحافي مساء أمس الاثنين بوفاة الزميل عبدالرحمن المصيبيح، المحرر في قسم المحليات في صحيفة (الجزيرة)، إثر مرض ألم به ألزمه السرير الأبيض.
والراحل أبو بدر، والذي أمضى حياته بين التعليم والصحافة، وبالرغم من تقاعده من سلك التعليم، إلا أنه ظل ومنذ أربعين عاماً عاشقاً للعمل الصحفي من خلال صحيفة (الجزيرة) حتى توفاه الله.
حضور مختلف
وخلال عمله الصحافي سجل الفقيد لنفسه حضورا مختلفا وتواجد مؤثر، وحاز خلال مسيرته على الكثير من الشهادات والدروع والتكريم من أصحاب السمو الملكي الأمراء والوزراء، ومن كبار المسؤولين في الدولة، كما امتاز الفقيد بقربه الصحفي من إمارة منطقة الرياض ومن عدد من الوزارات، وظل طيلة الأربعة العقود الماضية محباً لمهنته خادماً لوطنه مقدماً مصلحة المواطن على أي اعتبار، وهذا ما جعل بصمة على الكثير من أعماله الصحفية.
وظلت أسهم الفقيد الصحفية ترتفع ويصبح له شأن وحضور كبير منذ سنواته الأولى، وبات له مكانة ومكان في صحافة المنطقة الوسطى، وأصبح مرجعا للكثير من الزملاء.
في أسرة (الجزيرة)
وفي أسرة تحرير صحيفة (الجزيرة) عُرف عن الفقيد دماثة خلقه ومحبة الجميع له، واتفاقهم على روحه الطيبة المرحة وكرمه المشهود، وتفانيه في العمل وحرصه على إنجاز مواده وتسليمها في الوقت المحدد، حيث اعتاد الزملاء في قسم التحرير كل خميس أسبوعياً، بحضور الزميل وبيده العديد من المشروبات الساخنة وبعض المأكولات الخفيفة، والتي يحضرها من منزله.
وفاء
وبالرغم من تقاعده من التعليم، ظل أبو بدر وفياً للمتوسطة الثانية ولصحيفة (الجزيرة) واتحاد السباحة والتعاون كمراسل أخبار للإذاعة والتلفزيون حتى أصبح المحرر الأول في صحيفة (الجزيرة) بل وفي صحافة منطقة الرياض الذي ربما يحرص المسؤول إلى إيصال الخبر له لثقته ومصداقيته، وكان وظل الأكثر استحواذاً لتغطيات مناسبات إمارة الرياض وأمانة الرياض ووزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة ورعاية الشباب وغيرها من الأجهزة الحكومية الأخرى، وكان مدرسته الأولى في الصحافة هو الأستاذ خالد المالك.
شمعة مضيئة
ووفقا لأخيه الدكتور سعود المصيبيح والذي تحدث عن أخيه عبدالرحمن -رحمه الله-، بعد تقاعد الراحل من التعليم قبل عشر سنوات من الآن، لقد كان عبدالرحمن المصيبيح شمعة تضيء الدرب للجميع يعطي من تشجيعه ودعمه وتوجيهاته في أسلوب بعيد عن حب الذات والمظاهر بل إن ثقته بنفسه واعتزازه برسالته الإنسانية تجعله لا يقيم وزناً للكماليات والمظاهر وإنما الهدف هو العطاء والعمل من أجل الإنجاز لذا بقي عبدالرحمن الصحفي المخلص لرسالته الذي ينقل لقرائه المناسبات والأحداث عبر أخباره وتقاريره بشكل مميز ومتقن.
في التعليم
وحين كان في التعليم، قال الدكتور سعود عن تلك المرحلة في حياة شقيقه، لقد كان المربي والمعلم الذي أحبه تلاميذه بدءاً من مدارس الثغر وانتهاء إلى المتوسطة الثانية التي أمضى سنين عمره في المجال التربوي حتى أحيل للتقاعد.. ولا أرى طالباً سابقاً في هذه المدرسة إلا ويذكر ما تعلمه من أبي بدر من موضوعات في التفسير والحديث والفقه وغيرها يقدمها بأسلوب محبب للأنفس وبصورة جعلته المدرس الأكثر شعبية بين تلاميذه.
أُسريّاً
في الجانب الأُسَري يتذكر الدكتور سعود المصيبيح، تلك الفترة، ويقول عن الراحل، في مقالة قديمة سبق ونشرتها الجزيرة، أخي عبدالرحمن أنار طريق الكلمة والحرف لي ولإخوتي الأصغر سناً منه، وكان المكلف من الوالد -رحمهم الله- بالمتابعة والإشراف المباشر على أمور الدراسة والسلوك وأداء الصلوات في وقتها في المسجد.. فكان هذا من حسن حظنا في ظروف أسرية معينة كان وجود عبدالرحمن الفاتح لآفاق الكلمة والتعليم والثقافة.. وكانت البداية عبر متابعته للرياضة وعطفه على الإخوة الصغار في أخذهم بسيارته (الفلكس واجن) القديمة إلى ملاعب الأندية الرياضية لمتابعة التمارين الرياضية أو المباريات التي كانت تقام في ملعب الصائغ، وكان الهدف غير المعلن هو التأثير لكي نشجع نادي أهلي الرياض الذي تحول لليمامة ثم الرياض الذي ظل أبو بدر وفياً له، وكانت لمتابعة أخي الراحل عبدالرحمن أثر كبير في الانتباه للدراسة والحرص على التعليم إضافة إلى أن إحضاره للصحف في المنزل كان الشرارة الكبرى لنا كإخوة صغار له في أن ننطلق في مجال الإعلام والصحافة والمعرفة، وأسهم ذلك في تكوين الأساس التربوي والثقافي حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
وداعا «أبو بدر»
فقدان شخص عزيز في غاية الصعوبة، رغم أن الموت هو الحقيقة المطلقة في هذه الحياة وهو مصير كل حي، إلا أن مشاعر الحزن والشعور بالفقد مؤلمة جدا، خاصة إذا كان الفقيد صديقا وفيا صادق الوعد وكريم الأخلاق مع الجميع.
كان الزميل عبدالرحمن المصيبيح -رحمه الله- أخا لجميع الصحفيين، تعلموا منه الكثير وكان نعم الرجل وطيب القلب، ويستمع إلى الجميع برحابة صدر، يسدي لنا النصائح دون كلل واستفدنا منه الكثير، إنسان أحب مهنة المتاعب، لم يكل ويمل منها واصل حبه لها رغم تقدمه في العمر حتى وافاه الأجل وانتقل إلى جوار ربه، تاركا ذكريات جميلة ومحبة الناس له.