عبده الأسمري
تعددت طرق العلاج النفسي والسلوكي والإرشادي في منظومة لا تزال العقاقير وجها ثابتا للتعامل الدوائي مع ما توفر من تطور بحثي وابتكار معرفي في علاج النفس التي باتت في صراع مع الحياة ونزاع مع الأمنيات وتعارك مع المؤثرات..
عندما نعيش الحقيقة ونفتح بابها على مصراعيه فإن الأمراض النفسية تتربص بالبشر وتحيط بذواتهم إحاطة السوار بالمعصم ومن نجا منها فإنه سيكون حتما تحت وطأة القلق اليومي واللهاث خلف راحة مؤقتة لا تستديم وهذه سنة الحياة وسلوك العيش..
في القرآن الكريم مناهج متعددة أراهن أنه لم يحصر منها إلا اليسير وكم أمنيتي أن ينكب الباحثون والعلماء على الإعجاز النفسي في هذا الكتاب العظيم لأن البشرية بحاجة ماسة إلى ذلك. وأن يتم البحث أيضا في أسرار الأحاديث الشريفة التي تحمل موجهات متعددة لظروف الحياة وسبل العيش ومواجهة المصاعب والمصائب.
وبالنظر إلى القراءة فإن الأشخاص المتعلقين بهذه الهواية الممتعة والهوية الماتعة يكونون أكثر تفاؤلا.. ولو جرب أي مريض أو متعب أن يقرأ القرآن كأهم كتاب على وجه الأرض وأن يغوص فيه متدبرا وأن يتفهم ما فيه من قصص وعبر لوجد إجابات لأسئلة متعددة ولانخفضت في روحه كل اتجاهات القلق وموجبات التوتر.. لأنه سيجد طاقة عجيبة تدخل إلى الخلايا وتركيبة إعجازية ترفع جهاز مناعته لمواجهة كل شيء في الحياة من مرض وتعب وألم وفقد وحزن وكل سوء ولتشربت أعماقه الفرح والسرور ولوصل إلى درجة الثبات النفسي بإعجاز الإثبات الإلهي المكفول بكل معاني الراحة والطمأنينة والسكينة.
وعليه أن يرتبط بالقراءة كوصفة فريدة للشفاء ففيها حياة أخرى يجول فيها إلى المعرفة ويتواءم من خلالها مع أصول الثقافة وغذاء العقل وعلاج الروح مما سيسهم في مقاومته لأكثر الأمراض النفسية قوة وأثرا..عليه فقط أن ينتقي من ميادين الكتب ما يقترب من فكره ويرفع مناعته ويشحذ همته. على أي مريض خصوصا ممن تلقى أوجاعا ضربت جهازه النفسي وخبرات استوطنت قلبه وعقله أن يقرأ سير وتجارب الصابرين والعصاميين والأقوياء ممن تغلبوا على الظروف وضربوا المثل في معانقة النجاح وفي التسلح بالتفاؤل وفي الفلاح بالتوكل.
الكلمات هي العقاقير التي تنشئ مركبات القراءة والكلمة الطيبة كما وصفها الخالق جل شأنه كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها لذا فإنها سر من أسرار الشفاء والعلاج من ويلات الأمراض سواء تلك النفسية والعصبية التي استوطنت النفس أو حتى العضوية التي باتت تهاجم الجهاز النفسي والمناعي رغما عن المريض لاستسلامه للعقاقير والموشحات المخيفة من بعض الأطباء.
أرى أنه من الأهمية والضرورة أن يكون في كل مستشفى وعيادة ومواقع التنويم مكتبة بها كتب منتقاه بعناية تسهم في تفاؤل المرضى وفي رفع جوانبهم المناعية وأن يؤهل الأطباء في كل التخصصات في دورات متخصصة وعميقة للتعامل النفسي والسلوكي مع المرضى مع أهمية إخضاع كل مريض قبل الدخول في برامج العلاج أيا كان لبرامج نفسية وسلوكية وإرشادية في عيادة تكون متاحة في كل المستشفيات فالنفس تمرض وتنالها العدوى السلوكية والنفسية من كل مرض أيا كان نوعه. لذا فإن التثقيف الصحي يجب أن يشمل الأطباء وأن يكون هنالك توعية للمرضى بأهمية القراءة وعلى العيادات النفسية أن تضع لكل مريض برنامجا يختص بالقراءة والمعرفة وأن تنقله من ضوابط العلاج بالعقاقير إلى حدود مفتوحة وآمنة عنوانها التفاؤل وتفاصيلها القراءة والمعرفة والسير قدما نحو العلاج بنفس آمنة مطمئنة ترى أن الشفاء مصير لا بد منه بإرادة الله ثم بالاحترافية والمهنية الطبية التي يجب أن تركز على العلاج بالقراءة والاستشفاء بالكلمة.