أولاً: اسمه ونسبه وتاريخ ولادته:
هو الشيخ محمد بن سليمان بن عبدالرحمن بن علي بن عبدالله بن عبدالعزيز بن ناصر بن محمد بن عبدالكريم بن مغير الناصري التميمي (1)
وهو جد أسرة آل مشاري ابن علي (2) أهل الداخلة في سدير، ولا يعرف تاريخ ولادته بالضبط لكنه كان موجودًا في أواخر القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر الهجريين (3), وآل مغير النواصر كانوا قديماً في الفرعة في الوشم ثم انتقلوا منها إلى بلدان أخرى وتغير اسمهم وانتسبوا لأجداد أقرب من مغير.
وأول عالم رأيته ذكرهم هو الشيخ العلامة النسابة عثمان ابن منصور الناصري - ت 1282هـ -(4) وذلك يدل على دقته وضبطه رحمه الله, وقال لي الشيخ عبدالله بن مساعد الفايز الناصري رواية عن كبار السن من أهل الفرعة بأن آل مغير من النواصر كانوا قديماً في الفرعة وانتقلوا منها. وقال أيضاً في كتابه الذي ألفه عن الفرعة عند كلامه عن أشهر آبارها وقلبانها [بئر العقربانية في بلدة الفرعة بالوشم تقع في وسط النخيل جنوب غربي بئر عسيلة وشمال شرقي بئر النعيمية وتضم كثيرًا من النخيل والمزارع وأنها لآل مغير النواصر وكان لهم قصر في الفرعة] (5).
ثانياً: انتقاله من الفرعة بالوشم إلى الداخلة في سدير:
مما سبقت الإشارة إليه يترجح انتقال محمد بن سليمان آل ابن علي من الفرعة إلى الداخلة وكان ذلك في النصف الثاني من القرن الهجري الثاني عشر أو آخره (6)، وقد يكون من العشرين رجلاً الذين أرسلهم رئيس الفرعة إلى الداخلة قال المؤرخ ابن بشر في أحداث سنة 1196هـ [وكانت الداخلة في ذلك الحرب يأوون إليها المقاتلة وأرسل إليها منصور بن حمد بن إبراهيم رئيس الفرعة عشرين رجلاً] (7).
ولم يكن محمد ابن علي في بداية قدومه للداخلة مستقرًا فيها استقرارًا دائماً وإنما كان يحضر فيها فترة ويغيب أخرى فإذا كان حاضراً فإنه هو الذي يأخذ ريع إحدى المزارع. وإن لم يكن حاضراً فإن الذي يستلم الريع رجل آخر من آل أباعلي(8) ويذكر كبار السن الذين أدركتهم (9) ان جدهم محمد ابن علي كان أول أجدادهم قدوماً إلى الداخلة ويلقبونه براعي الشبيرمية لأنه أول من حفر وطوى قليب الشبيرمية المعروفة في الداخلة بمساعدة زوجته موزة بنت برخيل من أهل عشيرة وقد بقيت قليب الشبيرمية على طويها القديم قوية متماسكة أكثر من مائتي سنة (10) مع أن الداخلة روضة وتربتها طينية وعند غزارة الأمطار وغمر السيول لقيعانها ومزارعها تسقط كثير من نخيلها وقلبانها.
ولا تزال مزرعة الشبيرمية من أملاك ذريته آل مشاري ابن علي إلى اليوم (11) وما زالوا يضحون عن جدهم محمد ابن علي رحمه الله.
ثالثاً: رسالة الشيخ حسين بن علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الجد محمد ابن علي الناصري (12).
1- تاريخ الرسالة:
لا يعرف تاريخ هذه الوثيقة بالضبط لانقطاع الورقة من الأسفل لقدمها ولكن عمرها يزيد عن مائتي عام وذلك أن الجد محمد ابن علي الناصري قد توفي قبل الشيخ علي بن يحيى بن ساعد قاضى سدير في زمنه الذي توفي عام 1229 هـ (13).
2- صورة الرسالة:
3- توضيح نص الرسالة:
[ بسم الله الرحمن الرحيم
من حسين بن علي ابن الشيخ (14) إلى جناب صفي الأصحاب الذي في الله من الأحباب بإشاءة رب الأرباب محمد ابن علي (15) راعي جعلان (16) جمعنا الله وإياه على الإيمان وبعد الممات في الجنان وعاملنا على الذنوب بالغفران إنه كريم منان وبعد الموجب للجمع بالأحرف الكلام وهمع دمع الأقلام إبلاغك من محبك في الله السلام ومزيد التحية ومزية الإكرام مازالت الأخبار منكم سارّة والعيون ببقائكم قارّة ونعم الله علينا وعليكم دارّه وبعد يا أخي الذي أوصي به نفسي ومن أحب تقوى الله تعالى فإنها نعم المتجر لمن اتّجر بها وهي وصية الله للأولين والآخرين وأذكروا قوله تعالى {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ}(17) وأخذ الزاد للآخرة قال الله {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}(18) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبعض أصحابه [كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل] (19) وكان الراوي يقول [خذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك]. ....(20)].
4- دلالات الرسالة وأهميتها:
أ- قوة العلاقة بين مرسلها الشيخ حسين بن علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ محمد ابن علي الناصري ويظهر ذلك من ثنائه عليه بقوله [إلى جناب صفي الأصحاب الذي في الله من الأحباب]
ب- تعد هذه الرسالة إضافة جديدة إلى ترجمة الشيخ حسين في كتب التراجم الحالية (21) وهي تبين اهتمامه بالدعوة إلى الله وحرصه على التواصل مع أحبابه في الله وسؤاله عنهم ونصحهم.
ج- ورد في ترجمة الشيخ علي والد الشيخ حسين أنه هرب إلى بلاد عمان وقطر - أي من بطش إبراهيم باشا سنة 1233 هـ - ثم عاد إلى نجد وصار قاضياً في حوطة بني تميم وتوفي سنة 1257هـ (22) مما يفهم منه أن ارتباطهم بتلك البلاد كان بعد تخريب الدرعية سنة 1233 هـ ولكن هذه الرسالة تشير إلى احتمال ارتباطهم بتلك البلاد قبل ذلك بسنوات وذلك أن المرسل إليه الرسالة وهو الجد محمد ابن علي الناصري قد توفي قبل الشيخ ابن ساعد المتوفى عام 1229هـ أي قبل أحداث الدرعية بما لا يقل عن أربع سنوات (23).
د- لم تذكر المصادر تاريخ ولادة الشيخ حسين سوى مصدر واحد (24) ذكر أنه ولد سنة 1210 هـ ولكن إذا كان المرسل إليه الرسالة وهو الجد محمد ابن علي قد توفي عام 1229 هـ أو قبله فيكون عمر الشيخ حسين حين كتب الرسالة تسع عشرة سنة وهذا مستبعد لذا أرى أنه قد ولد قبل 1210هـ والله أعلم.
* * *
الهوامش (1 - 2):
1- هذا النسب إلى (مغير الناصري) محفوظ بورقة كتبها الشيخ عبدالله بن مشاري بن حمد بن محمد ابن علي عام 1299هـ نقلاً عن أوراق قديمة ونظراً لتقطع الورقة فقد قام بنسخها والدي الشيخ عبد الله بن مشاري بن سليمان المشاري -ت 1429هـ -ولا تزال صورة الأصل لدى كاتب المقال.
2- أكثر الأسرة يحملون الآن اسم آل مشاري وبعضهم آل علي, وقديماً يعرفون بآل ابن علي, والمترجم له هو الجد الثاني للشاعر المعروف سليمان ابن علي رحمهما الله وهو الجد الخامس لكاتب هذه الأحرف خالد بن عبدالله بن مشاري بن سليمان بن مشاري بن حمد بن محمد آل ابن علي.
ملاحظة: منهجي في هذا المقال وغيره عند كتابة الأسماء أنني لا أكتب الألف قبل كلمة (بن) إذا كانت بين اسم الرجل واسم أبيه وأما ما سوى ذلك فإنني اكتبها بالألف (ابن) إذا كانت بين اسم الرجل واسم جده وان علا أو بين اسمه واسم أسرته.
3- مما يبين أن الجد محمد ابن علي كان من أهل النصف الثاني من القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر أن ابنه حمد بن محمد ابن علي كان عام 1218هـ وكيلاً لزوجته فاطمة بنت مهنا الحسيني وأخواتها وأمها فيما ورثوه عن أبيهم مهنا الحسيني فوالده الجد محمد ابن علي أدرك الشيخ محمد بن عبد الوهاب المتوفى سنة 1206هـ وقد يكون درس على يديه.
والجدة فاطمة هي زوجة الجد حمد وأم أولاده عبدالكريم ومشاري وعبدالرحمن ومريم ورقية.
4- وذلك في أوراقه المشهورة المتداولة بين الناس التي ذكر فيها فروع وعشائر النواصر وقد اعتمدها الشيخ العلامة حمد الجاسر في كتبه ومؤلفاته، والجد مشاري بن حمد بن محمد ابن علي واخويه عبدالكريم وعبدالرحمن كانوا موجودين في زمن الشيخ عثمان ابن منصور وماتوا بعده ولم يذكرهم كأسرة مستقلة لأنهم كانوا في وقته معدودين ضمن أسر آل دخيّل وإلى وقت قريب كانت أسرتنا تعد من آل دخيّل فالشيخ حمد بن إبراهيم الحقيل في كتابه (كنز الأنساب) في الطبعة الأولى ذكرهم على أنهم من آل دخيّل ولكن وثيقة النسب المكتوبة سنة 1299هـ بينت أنهم من آل مغير وأما آل دخيّل فهم أبناء عم بالنسب الناصري وهم أيضاً أخوال جميع آل مشاري ابن علي فالجد مشاري بن حمد ابن علي تزوج نورة بنت محمد بن سلطان المعجل من آل دخيّل وأنجبت له أبناءه الثلاثة عبد الله وعلي وسليمان الذين ينتمي لهم جميع آل مشاري الموجودين اليوم.
5- كتاب (الفرعة في الوشم تاريخها وجغرافيتها) للشيخ عبدالله بن مساعد الفايز الناصري ط 1 سنة 1421هـ ص 25
6- بناء على قاعدة أن لكل جيل أربعين سنة وكذلك ما تشير إليه عدد من الأوراق حيث إن ابنه حمد بن محمد ابن علي كان وكيلاً عن زوجته عام 1218هـ كما أشرت في هامش سابق.
7- انظر أحداث سنة 1196هـ في كتاب (عنوان المجد في تاريخ نجد) لابن بشر -ط 3 سنة 1394هـ, ويقصد بالمقاتلة أي المقاتلين المؤيدين للدرعية وللدعوة السلفية في إقليم سدير.
8- آل أباعلي من أهل الداخلة قديماً وقد انقطعوا وفق رواية كبار السن وهم غير آل ابن علي وكلتا الأسرتين من النواصر من بني الحارث (الحبط) بن عمرو بن تميم.
9- رواية عن والدي عبدالله بن مشاري وعن جدي مشاري بن سليمان وغيرهم من كبار الأسرة رحمهم الله.
10- وذلك أن الجد محمد ابن علي الناصري الذي قام بحفرها وطويها قد توفي قبل الشيخ علي ابن ساعد المتوفى عام 1229هـ.
11- الشبيرمية أرض زراعية معروفة في الداخلة والجزء الأكبر منها لآل مشاري ابن علي وبعضها لغيرهم.
12- كان أصل الرسالة موجوداً لدى الأسرة إلى ما قبل عدة سنوات وقد رأيته، ثم فقد الأصل إلا أنه ولله الحمد بقيت صور منه، وهذه أول مرة يتم فيها نشر صورة وثيقة هذه الرسالة ودراسة مضمونها.
13- (تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق) لعبدالله بن محمد البسام دراسة وتحقيق إبراهيم الخالدي ط1 الكويت 2000 م / ص 271 .
14- هو الشيخ حسين بن علي بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب آل مشرّف الوهبي التميمي
15- هو الجد محمد بن سليمان بن عبد الرحمن آل ابن علي الناصري العمروي التميمي.
16- (راعي جعلان) مدينة جعلان هي مدينة (جعلان بني بوعلي) مدينة مشهورة في بلاد عمان وكان من عادة اهل نجد وغيرهم أن من ذهب منهم إلى بلد وسكن فيها مدة من الزمن فإنه وتمييزاً له عن غيره قد ينسب إليها أحياناً فمثلاً يقال (راعي الكويت) أو (راعي الجبيل) وقد أخبرني أحد الرجال الأفاضل من أهل الداخلة أن اثنين من أسرتهم انتقلوا قديماً إلى بلاد عمان وتوفوا هناك.
17- الآية رقم (131) من سورة النساء وتم إكمال النقص الواقع في الأصل بإضافة (أوتوا الكتاب) في توضيح النص حيث لم ترد في الأصل.
18- الآية (197) من سورة البقرة.
19- رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما.
20- أسفل الورقة منقطع لقدمها وتلاحظ الأخطاء الإملائية ونقص الأحرف في كثير من كلمات الأصل وتم تعديلها في توضيح النص حسب القواعد الإملائية المتبعة حالياً.
21- لم أجد ترجمة للشيخ حسين في كتاب (مشاهير علماء نجد وغيرهم) للشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ ط 1392هـ وقال الأستاذ حمد بن ناصر الوهيب في كتابه (معجم أسر بني تميم في الحديث والقديم) ط1 ص 437 عن الشيخ حسين (لم أظفر له على ترجمة) وقد أفادني مشكوراً خطيب جامع الداخلة أخي عمر بن عبدالله المشاري وفقه الله بوجود ترجمة للشيخ حسين في كتاب (الحنابلة خلال ثلاثة عشر قرناً) للشيخ عبدالله الطريقي وكتاب (علماء آل الشيخ) للأستاذ أحمد العوين وزودني بصور من صفحات الترجمة كما أرسل رابط مقال بعنوان (ساعة في خلوة جامع بلدتي العطار) كتبه د.محمد بن فهد الفريح في العدد (15217) من صحيفة الجزيرة وذكر فيه أنه وجد في خلوة جامع العطار بسدير مخطوطة تضمنت منظومة للشيخ حسين في التوحيد وعقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته.
22- انظر كتاب (معجم أسر بني تميم في الحديث والقديم) للأستاذ حمد بن ناصر الوهيب ط1 ج2 ص 437 وما بعدها نقلاً عن كتاب (علماء نجد خلال ستة قرون) للشيخ عبد الله البسام.
23- سوف أورد في آخر هذا المقال ما يبين أن المرسل إليه الرسالة وهو الجد محمد ابن علي الناصري قد توفي قبل الشيخ علي ابن ساعد قاضي سدير عليهما رحمه الله.
24- هو كتاب (علماء آل الشيخ) ص 352 نقلاً عن مصادر أخرى، وجاء فيه أيضاً في ص 356 بعد إيراد صورة قصيدة للشيخ علي في ابنه حسين أنه نظمها في 26 محرم عام 1325هـ، ولكن هذا التاريخ قد يكون تاريخ نسخ القصيدة في المخطوطة المذكورة لأن الشيخ علي قد توفي قبل ذلك بثماني وستين سنة حيث ذكرت المصادر أن وفاته كانت في عام 1257هـ، والذي يبدو من معاني أبيات القصيدة أن الشيخ علي قد نظمها بعد تفرقهم في مدن سواحل عمان بعد حرب الدرعية سنة 1233 هـ.
** **
خالد ابن مشاري الناصري التميمي - الباحث في الأنساب والتاريخ
Kamsm555777@gmail.com