فهد بن جليد
لستُ وحدي من كان يعتقد بأنَّ مُسابقات ومُنافسات تحدي الابتكار والتقنية والاختراع الشبابية - لا تصلح - أن تكون برامج شيِّقة ومُمّتعة لتلفزيون الواقع الجاذبة، وأنَّ الحماس والنجاح غائب في مثل هذه المُسابقات لأنَّه محصور على برامج المُسابقات الغنائية واكتشاف المواهب المُستورَّدة، التي تعجُّ الفضائيات العربية بنُسخ مُشوهة منها، والهدف دائماً «الكسب المادي» بدغدغة مشاعر وعواطف المُتابعين الشباب تحديداً من أجل التصويت لمُساندة وصعود فريق أو مُتسابق للنهائيات، الفكرة التي اعتدنا عليها في الفضائيات العربية والخليجية تحديداً، ولكنَّ تجربة «هاكاثون الحج» والطريقة المُتفوقة التي نُظمت بها التصفيات النهائية «قلبت الموازين» عندي وعند كثير من المراقبين، وأثبتت المُناسبة أنَّ تقديراتنا كانت خاطئة، وأنَّ مثل هذه المواضيع تصلُح بالفعل أن تكون مُنافسات شبابية مُمتعة وحماسية جاذبة، تماماً مثلما هو الحال مع برامج المواهب الغنائية وخلافها.
الفَرق أنَّ مُنافسات العقول لا الأبواق استثمار يستطيع بالفعل القفز بواقعنا نحو المُستقبل بكل ثقة وأمان، هذه صناعة سعودية حالمة، جديدة علينا في المنطقة وإعلامها، أجاد السعوديون تطبيقها من خلال الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وتقديمها «بنسخة خاصة» تبلورَّت وتطوَّرت فكرتها محلياً، خلافاً لماهو معمول به مع الأفكار المُشابهة المُستورَّدة، وانطلاقاً من رؤية المملكة 2030 بالسير بنا نحو مُجتمع معرفي، بجعل هذه المُنافسات جاذبة، شبيهة بمُنافسات كُرة القدم الجماهيرية والشبابية -الأشهر- على مستوى العالم، ولعلَّ الكاميرات كانت عاجزة عن نقل كل الأجواء الحماسية والفرحة التي أشعلتها هذه المُنافسة، عقب إعلان الفرق الفائزة.
«هاكاثون الحج» كان النسخة الأولى لهذا الحُلم، وكما نعلم جميعاً بأنَّ «الأصدار الأول» عادة ما يخضع للتقويم والمُراجعة، لتجوّيد النُسخ القادمة، وهو ما ينبئ بتحقق مُبادرة رئيس مجلس إدارة الاتحاد معالي الأستاذ سعود القحطاني والدعوة التي أطلقها سابقاً، بضرورة وجود مُسابقات في الفضائيات السعودية لبرامج تلفزيون الواقع تُعنى بالمُخترعين والمُبرمجين السعوديين، أعتقد أنَّ هذه الدعوة سنسمع صداها قريباً، لتتحول إلى مُنافسة وسباق حقيقي بين القنوات للفوز بمثل هذه البرامج، وهذا بحد ذاته نجاح وانتصار، بل انحياز كامل للوطن وما يخدم شبابه ومُستقبلهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.