صيغة الشمري
قبل سنوات كتب توماس فريدمان يتحدث فيها عن تأثير وقوة العالم الرقمي على المحتوى، وقد شدد وحذّر بأنه لم يعد للإنسان ماضياً مجهولاً، فبضغطة زر عبر محركات البحث تجد كل ماض للشخص حاضراً، هذا في المجتمع الغربي الذي يتعامل مع العالم الرقمي بمصداقية من منطلق مسؤولية اجتماعية وقانونية عن جميع ما يقول أو يفعل، فما بالك في مجتمعنا العربي؛ حيث تكثر الأسماء المجهولة والمتخفية والوهمية والمزورة وتقل الأسماء الحقيقية في مثال حي وكبير على ضعف الإحساس بالمسؤولية والمصداقية لدرجة جعلت منك لا تستطيع تشكيل رأي حقيقي ودقيق عبر دراسة وتدقيق وجهات النظر حول قضية ما، الأدهى والأمر هو ما يفعله البعض حول النبش في ماضي كل مغرد لمحاولة النيل منه والإساءة إليه عند الحاجة لذلك، دون اعتبار لمسألة التغيرات في الآراء والسياسات، وأن تغير المواقف والآراء لا يعيب أحداً، بل هو فضيلة يجب أن تعد لصالح الشخص وليس ضده، وما المناصحات التي تقوم بها دولتنا -نصرها الله- للإرهابيين للتراجع عن آرائهم ومواقفهم سوى أكبر مثال على قبول تغير رأي الشخص وتبدل مواقفه ومعاملته بناءً على رأيه الجديد، وليس القديم.. إن تصوير التغريدات وهي ممسوحة من قبل صاحبها فيه نوع من مصادرة حق الإنسان في تغيير رأيه وتراجعه عن موقف سابق، وهذا ما أقرت به محكمة التمييز في الكويت الشقيقة التي أفادت بأن مسح التغريدات في تويتر بعد تدارك الخطأ ينفي المسؤولية الجنائية عن المغرد، وإن جلب تغريدات من الماضي، وقد قام صاحبها بمسحها والتراجع عنها يعد تهميشاً للتسامح وإذكاء لروح التطرف وخصوصاً فيما يخص تلك التغريدات التي لا تمس ثوابت الدين وسيادة الدولة وتكون مجرد تغريدات كتبت تحت تأثير حالة نفسية معينة أو ضغوط وقتية.