«الجزيرة» - غدير الطيار:
كشفت وكالة وزارة التعليم للتعليم «بنين» عن 34 في المائة من الطلاب السعوديين في الصف الرابع الابتدائي يفتقدون لأبسط المهارات القرائية، كالفهم عند قراءة الجمل التي تقع في بداية النص التي لا تتطلب الرجوع لجملة سابقة لفهمها، يحدث هذا بينما يتوقع من الطالب كونه أصبح «يقرأ ليتعلم» وليس «يتعلم كيف يقرأ».
وأكدت الوكالة على بعض العوامل المساعدة لعلاج القصور في أداء الطلاب، فقد استندت الدراسة إلى بيانات PIRLS نفسها، لتقارن بيانات المملكة مع بيانات الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة؛ بالتركيز على استراتيجية الكتابة كمدخل لتنمية الفهم القرائي.
وقد تم اختيار الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة لتفوق طلبتهما من حيث الأداء العام في الاختبار الدولي للقراءة، حيث يقع متوسط درجات طلبتهما ضمن مستوى التحصيل المرتفع، بينما تقع المملكة ضمن الدول الخمس الأقل، وتعد الممارسات التدريسية والاستراتيجيات التي يقوم بها المعلم عند تدريس القراءة ذات أهمية بالغة، ويأتي مدخل تدريس القراءة من خلال الكتابة كأحد أبرز المداخل الناجعة ضمن مداخل أخرى كمدخل التحدث والقواعد، فقد يكتفي المعلم على سبيل المثال بأن يقرأ بعض طلابه قراءة جهورية أو صامته (مدخل قرائي) عند تدريسه للقراءة، كما قد يُكلفهم باستخراج بعض القواعد اللغوية، وقد يُكلفهم بكتابة رأيهم حول ما قرؤوه (مدخل كتابي)، إذ إن لكل مدخل استراتيجي أثره في الفهم القرائي للطالب, حيث تشير البحوث إلى أهمية المدخل الكتابي في تدريس القراءة وأنه ذو فاعلية في الفهم القرائي عند الطلاب.
وتهدف الورقة لاختبار الفرضية التي تقول بالأثر الإيجابي للمدخل الكتابي في الفهم القرائي، مقارنة بالمداخل الأخرى (القراءة، والتحدث، والقواعد)، ولتفعيل أكثر للاستراتيجيات الكتابية وإعطاء الطلاب فرصة أكبر لممارسة استراتيجيات ذلك المدخل.
وأوصت الدراسة أن لا يقتصر تفعيل استراتيجيات القراءة من خلال المدخل الكتابي على مقررات اللغة فقط، بل يمتد إلى جميع المقررات لأن الكتابة انعكاس لفهم المحتوى أيّاً كان علميًا، أو نظريًا، وبالتالي يتعرض الطالب للمزيد من الوقت الذي يستخدم فيه استراتيجيات كتابية، وأنه ينبغي للمعلمين بشكل عام ومعلمي اللغة العربية بشكل خاص، استثمار المدخل الكتابي لتنمية الفهم القرائي لطلابهم من خلال تكليفهم بمزيد من المهام الكتابية حول ما يقرؤون.
وأكدت الدراسات على أن تفعيل استراتيجيات الكتابة كمدخل أساس للفهم القرائي ذو أثر تراكمي يبدأ من المراحل الأولى لتعلم القراءة والكتابة, فينبغي أن تكون هذه الأنشطة الكتابية صريحة وموجهة وأن لا تركز فقط على السلامة الإملائية، فاستراتيجيات الكتابة الناجعة تتجاوز الأسس الكتابية إلى مراحل أعلى من البناء الكتابي المتوافق مع المحتوى، فالنشاط الكتابي تعتمد ثمرته على نوع النشاط، وليست الكتابة النسخية أو الحرفية، بل أنشطة مثل: التلخيص الجيد، التنظيم للفقرات، نقد الأفكار، وغير ذلك من الكتابة المرتكزة على الفهم القرائي.
وعلى مستوى برامج التطوير المهني، توصى الدراسة بإدراج الاستراتيجيات المعززة للفهم القرائي كالمدخل الكتابي في برامج التطوير المهني للمعلمين.
وعلى مستوى المقررات والمناهج الدراسية، توصى الدراسة بتكثيف المهام الكتابية المناسبة لعمر الطالب وكذلك المادة المقروءة، فعلى سبيل المثال مع نهاية دروس العلوم يمكن تكليف الطالب برسم خريطة للمفاهيم التي تعلمها من خلال الدرس، وفي دروس التاريخ يمكن تكليف الطالب بمهام كتابية تتطلب منه تلخيصًا لأهم الأحداث التاريخية التي مرت عليه في الوحدة التي قام بدراستها، وفي دروس القراءة يمكن تكليف الطالب بنقد نص أو إعادة كتابته بأسلوبه.
وحيث إن معظم الدراسات التي تناولت الاستراتيجيات التدريسية المعززة للفهم القرائي، وعلى الأخص تلك التي استمدت بياناتها من الدراسات الدولية مثل PIRLS، قد أجريت خارج إطار البيئة العربية، فإنه توصي الدراسة بإجراء مزيد من الدراسات في البيئة العربية حول فاعلية استخدام استراتيجيات كتابية؛ لتحسين الفهم القرائي، كماً ونوعاً، وكذا عمل دراسات تستقصي فاعلية كل استراتيجية كتابية على حده على الفهم، وبالرغم من أهمية المدخل الكتابي وأثره على الفهم القرائي على مستوى عينة الدراسة إلا أن الوقت الذي يخصصه المعلم لتدريس القراءة باستخدام استراتيجيات كتابية يأتي متأخراً مقارنة مع بقية المداخل، ويتفاقم ذلك الفارق في عينة المملكة تحديدًا، وكذلك يأتي متأخرًا مقارنة بالتطبيق عند المعلمين في سنغافورة وأمريكا.