محمد سليمان العنقري
عندما أسس مجموعة من الشباب الأمريكيين يقودهم الراحل «ستيف جوبز» عام 1976م لم يكن يدور بخلدهم أن تصبح شركتهم الأغلى في العالم بعد أربعة عقود بفضل اختراعاتها التي غيرت عصرنا الحالي ليصبح العالم بين يديك حيث اختزلت عشرات الأجهزة في جهاز واحد وفتحت هذه الاختراعات عصراً جديداً ولد عشرات الملايين من فرص العمل وأصبحت حياة الناس أسهل في القدرة على إنجاز أعمالهم وتواصلهم الاجتماعي من خلال منصة الأجهزة الذكية التي تحتضن تطبيقات غيرت مفهوم الصناعة والإعلام والخدمات من حيث التطوير وزيادة الإنتاجية والتأثير الواسع في العلاقات الاجتماعية.
فقبل أيام اصدرت شركة آبل تقريرها المالي عن نتائجها المالية للربع الثالث والذي حققت فيه أرباح تاريخية ونمواً أعلى من التوقعات في إيراداتها مما أدى لأن يقفز سعر سهم الشركة بنهاية تداولات الجمعة إلى أكثر من 207 دولارات للسهم وهو الذي أدى لأن تتجاوز القيمة السوقية للشركة حاجز «تريليون دولار» أمريكي كأعلى شركة «مدرجة» في البورصة الأمريكية، بل وفي العالم فهي الفارس الأول بين منظومة قطاع الأعمال الأمريكي وتبلغ مبيعاتها السنوية ما يفوق 200 مليار دولار أي ما يعادل 44 % من مبيعات دول منظمة أوبك من النفط للعام 2017م أما صافي أرباحها للربع الحالي فقد بلغ حوالي 43 مليار ريال بينما تفوق قيمتها السوقية إجمالي القيمة السوقية لأسواق المال الخليجية ولديها سيولة نقدية تقدر بحوالي 250 مليار دولار أي ما يزيد عن السيولة التي تمتلكها الحكومة الأمريكية بأكثر من 150 %، فقيمة آبل وصلت إلى ما يعادل 1.19 % من الناتج الإجمالي العالمي.
إن شركة آبل لم تعد مجرد شركة تكنولوجيا بل تعد قائداً في الأسواق لا يمكن منافسته بسهولة وتسيطر على سوق الابتكارات في مجالها ولديها سيولة نقدية هائلة تفوق احتياطيات دول عديدة يمكن لها أن تستثمرها لتصبح المتحكمة والمؤثرة في مجال صناعاتها بل وفي القرار الاقتصادي والسياسي الدولي فإذا ما تأثرت مصالحها فإن الحكومة الأمريكية ستكون مضطرة للدفاع عن آبل التي تعادل قيمتها السوقية حوالي 6 % من الناتج الإجمالي لأمريكا الاقتصاد الأكبر عالمياً.. التكنولوجيا واقتصاد المعرفة هما ما يقودان الاقتصاد العالمي وأعلى الشركات كقيمة سوقية عالميا لم تعد شركات صناعية تقليدية مثل جنرال إلكتريك وشركات صناعة السيارات أو شركات نفطية مثل أكسون موبيل فاليوم تتصدر آبل وأمازون ومايكروسوفت وجوجل وفيسبوك.
وعلي بابا قائمة الشركات الكبرى عالميا من حيث القيمة السوقية ولذلك فإن التنافسية باتت باقتصاد المعرفة وتكنولوجيا العصر الحديث والذي لابد من توجيه نسبة كبيرة من الاستثمارات الوطنية له والتركيز عليه خصوصاً بتطوير الكوادر البشرية وفتح الفرص أمامهم للإبداع والابتكار ليكون اقتصادنا مواكباً للعصر الحديث.