خالد بن حمد المالك
يخيم على منطقتنا جو من التوتر وعدم الاستقرار وجر دولها إلى حروب منذ تسيد الخميني للسلطة على إيران ومن توارثها من أتباعه وإلى اليوم، فإيران لها حضور فاعل في خلق هذه الأجواء المتوترة في العراق ولبنان واليمن وسوريا، وهي لا تكف عن التدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية، وتأليب مواطني هذه الدول ضد الأنظمة القائمة فيها، دون أن نجد في المؤسسات الدولية من يردع نظام طهران ويؤدبه.
** **
وبينما تتجه أغلب دولنا العربية إلى التنمية، وخلق فرص عمل لمواطنيها، وتكثيف الإصلاحات، وتحسين الحالة الاقتصادية فيها، تأتي طهران لتلقي بكل إمكاناتها لإفساد ذلك على حساب قوت الشعب الإيراني، ودون النظر إلى الفاقة التي يعيشها بسبب انصراف قادته عن تقديم الخدمات المناسبة وانشغاله في مؤامراته على دول الجور دون مبرر أو سبب يعوّل عليه.
** **
ومع أن إيران تدفع الثمن الباهظ بسبب هذه الممارسات الغبية، فإن من يتحمّل كل ذلك هو الشعب الإيراني المغلوب على أمره، فالعقوبات الاقتصادية هي في نهاية الأمر تصب في حرمان المواطن الإيراني من التمتع باستثمار إيرادات الدولة بما يمكنه من العيش الكريم ضمن خدمات صحية وتعليمية مناسبة، وتوفير فرص العمل لهذه الحشود الجائعة والعاطلة بلا عمل بين المواطنين.
** **
والغريب أن نظام الملالي لا يتعلّم من المآسي التي هي من صنع سياساته القمعية، ولا يستفيد من الفرص التي أتيحت له ليتخلّى عن التآمر على جيرانه، ويفوّت الفرصة واحدة بعد الأخرى، بل ويمعن في ارتكاب هذه الجرائم في حق دول لم تمسه بسوء، ولم تتعرض له بما يجعله في موقف المدافع عن مصالحه.
** **
الآن، ها هو اتفاقها النووي مع أمريكا قد تم تمزيقه واعتباره كما لو لم يكن، وها هي العقوبات الأمريكية ستعود ثانية بعد فترة من التسامح إثر التوقيع على الاتفاق المعيب مع الرئيس الأمريكي السابق أوباما، وهو ما لم يستوعبه النظام، ولم يقدّر نتائجه، بدليل أنه لم يغيّر سلوكه وممارساته الإجرامية، الأمر الذي سوف يجعل من الغليان في الشارع الإيراني سبباً في نهاية قريبة لهذا النظام البغيض.
** **
إن التفكير الساذج بأن طهران قادرة على أن تمسك بمفاصل الأنظمة في أكثر من دولة عربية هو حلم لن يكون بوسعها تحقيقه، حتى وإن خدمت الظروف الوجود الإيراني الحالي في العراق وسوريا ولبنان واليمن، فمثل هذه لن تستمر، ولن تصمد أمام الشرفاء من مواطني هذه الدول، وهم الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من المواطنين، ويرفضون هذا التدخل في شؤون دولهم الداخلية.
** **
لكن المؤسف حقاً أن السياسة الإيرانية المتسلِّطة على الشعوب الإيرانية وعلى أكثر من دولة عربية تجد تأييداً وتوافقاً مع دول عربية، تساندها وتبدي التعاون معها سواء على مستوى دول أو أحزاب وميليشيات ووسائل إعلام، كما هو في نظام قطر وإعلامها، وكما هو حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن، وكذلك نظام بشار في سوريا، وأحزاب متنفذة في العراق، دون أن يحركهم الانتماء الوطني والقومي، والشعور بمصالح دولهم.
** **
لقد كانت المملكة الدولة العربية الوحيدة التي كشفت مبكراً أهداف إيران وأطماعها التوسعية، وتعاملت معها بما ضيَّق الخناق عليها، ومنعها من أن تمد نفوذها بما يضر بمصالح المملكة ودول الخليج، رغم كل محاولاتها العدوانية في أكثر من موسم حج، وتدخلها في التأثير على بعض المواطنين في المنطقة الشرقية، ليأخذوا مواقف ليست في صالح المملكة، ما جعلها تتقزَّم وتتلقى الهزائم أمام مؤسسة أمنية سعودية قوية وإعلام سعودي فاعل، وهو ما يجعلنا ننادي الدول الأخرى المتضرِّرة بأن تحذو حذو المملكة في سياساتها ومواقفها من إيران.