موضي الزهراني
لا أنسى تلك السيدة التي تقدمت لمركز العنف الأسري بشكوى إساءة معاملة «نفسية» ضد والد أبنائها؛ لاكتشافها أنه قد قام بتطليقها منذ سنوات بدون علمها! إذ قام بإخبارها أحد أبناء زوجته الثانية مصادفة حتى لا تطالبهم بأي حقوق مالية من والدهم المريض والمتوقع وفاته! هذا النموذج من التعامل غير الشرعي مع الزوجات عند تطليقهن بدون علمهن لا يمت لتوجيهات ديننا الحنيف، ولا لتوجيهات نبينا الكريم بصلة من حيث التعامل مع النساء، والحفاظ على كرامتهن وحقوقهن الشرعية! فالطلاق مثل الزواج؛ لا بد أن يكون للمرأة علم به؛ إذ تترتب عليه حقوق وواجبات كثيرة للطرفين. ومن حق الطرف الآخر معرفة رغبة الآخر في الإقبال عليه أو الانفصال عنه! وكمثال هذه الحادثة نتخيل أن الزوجة «مطلقة»، لها سنوات أو شهور، وبدون علمها، وقد تدخل في صراعات نفسية كثيرة بسبب ابتعاد وهجران الزوج لها لفترات طويلة وهي لا تعلم أنها ليست بزوجته! وغيرها من النماذج اللاإنسانية من أزواج لا يتقون الله في نسائهم، ولا يفكرون إلا في متعتهم الدنيوية، ويتجاهلون عقوبة عدم الالتزام بالتوجيهات الشرعية المذكورة في سورتَيْ النساء والطلاق، اللتين تناولتا في آياتها الكثير من التعاملات من حيث الزواج والطلاق والحقوق الشرعية والمالية للزوجة حتى وقت حملها وإرضاعها طفلها؛ وهو ما يحفظ الحقوق والواجبات، سواء في السكن أو النفقة، أو حتى في مهلة الطلاق الرجعي أو البائن! لكن - للأسف الشديد - التعاملات البشرية التي ما زالت منتشرة، وتستهين بهذه الحقوق، تتطلب تدخلاً قويًّا من الجهات ذات الضبط العدلي بين البشر في تعاملاتهم وحقوقهم الشرعية؛ فكان قرار وزير العدل فضيلة الشيخ الدكتور وليد الصمعاني المتضمن «التوجيه بإشعار المرأة حال صدور صك طلاقها عبر رسائل الجوال من المحكمة» رادعًا لكل من يستهين بحق زوجته في معرفة قرار انفصاله عنها، ومعالجًا كذلك لتلك الحالات التي تعيش شهورًا أو سنوات وهي في غفلة عن حقيقة وضعها الاجتماعي؛ إذ قد تُفاجَأ بعض الزوجات بأنهن بعد وفاة أزواجهن مطلقات! وتكون صدمة اكتشافهن الحقيقة أعظم من صدمة وفاة الزوج الذي استغفلها لسنوات طويلة! مما يتطلب أيضًا وضع العقوبات لكل من تسوّل له نفسه مصادرة حقوق الآخرين، والاستمتاع بحقوقه فقط؛ وهو ما يتسبب في انهيار أسرة كاملة، وضياع جيل!