فهد بن جليد
في حال نجح البريطانيون بالفعل في التخلّص من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي - في حملتهم التي تنطلق اليوم - واستعادة السيطرة على أنفسهم طوال شهر كامل، بالامتناع عن التعاطي مع هذه الوسائل والمواقع بحثاً عن الصحة، والتخلّص من الأرق، وتعزيز علاقاتهم الاجتماعية الإنسانية, فإنَّ من شأن هذه التجربة أن تُلقي بظلالها على أشخاص آخرين, مع تزايد أعداد من يفكرون في التوقف عن وسائل التواصل الاجتماعي، لأسباب مُتعدِّدة ومتنوّعة، أهمها هدر الوقت، والانشغال بتوافه الأمور, وعدم مصداقية كل ما يتم نشره وبثه ... إلخ، من الأسباب التي تدعو نحو 60 في المائة من مُتعاطي هذه الوسائل للتفكير بالرحيل عنها، ولكنهم يخجلون ويتردَّدون بسبب نظرة المُجتمع لمن لا يملك حسابات على هذه الوسائط.
لا يُمكن اعتبار التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً من الروتين اليومي الطبيعي للأفرد، فهذا يجعل النَّاس يقضون ساعات طويلة في التصفح والمُشاركة، دون فائدة تُذكر، وهو ما يحرمهم من فرصة شغل الأوقات بعمل مُفيد، أو تعلم مهارة ما، أو على الأقل الاستمتاع براحة البال وخلو الذهن، ويمكنك قياس ذلك من خلال انتشار فايروس «سماع الرنين الوهمي» عندما يتخيل الإنسان بأنَّ هاتفه يرن أو يهتز، وينشغل بمتابعته وتصفحه طوال الوقت في انتظار أي مُتصل مُحتمل، أو مُتابعة وصول رسالة بعثها لآخرين، وهو ما يعني مزيداً من الأرق والقلق الإلكتروني، وتأثر المزاج السلوكي والحالة المعرفية.
الدعوات تتزايد يوماً بعد آخر «لرجيم وسائل التواصل» بالتخفيف من التعاطي معها قدر الإمكان, بحثاً عن رشاقة العقل، وللتخلص من الآثار السلبية لها، ولعل فوائد « الصيام الإلكتروني» أكبر بكثير من أعراضه المُحتملة، والتي لم تتجاوز في تجارب سابقة الـ 5 أيام الأولى، التي قد يشعر فيها الإنسان بالوحدة، ولكنَّه سرعان ما يجد نفسه من جديد, ويستعيد حياته الحقيقة.
وعلى دروب الخير نلتقي.